ما حكم تفسير الاحلام

ما حكم تفسير الاحلام

الأحلام

لقد اجتهد العلماء منذ القِدم في تفسير ماهية الأحلام، وكيفية حدوثها، وقد خَلصوا إلى أنّ الأحلام عبارة عن تصوّرات تتضمّن الصّور والمشاعر والأصوات وأحاسيس أخرى في فترة اللاوعيّ من النوم، والتي تحدث غالبًا في مرحلة نوم العين السّريعة؛ إذ تُعدّ أعمق مراحل النوم، فضلًا عن كونها تحدث على فترات متقطّعة تمتد من بضع دقائق وحتى 30 دقيقةً، أمّا عن الأحلام في حد ذاتها فمن الممكن أن تأتي على هيئة كوابيس سيئة قد تصل إلى مرحلة الرّعب، وربما كانت تتضمن الأحلام بعض الأشخاص المقربين، ويمكن أن تكون في الأماكن المعروفة في الواقع، بينما يمكن أن تأتي في مكان خياليٍّ غير معروف، كذلك فإنّ بعض الأحلام تكون مبهجةً إلى حدٍ كبير، ولعل لذلك كلّه رموزًا تساعد في تفسيرها على الوجه الصّحيح، الأمر الذي ينتشر كثيرًا بين أوساط المجتمع الإسلاميّ؛ مما يدعو للتساؤل عن حكم تفسيرها، وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال[١].


حكم تفسير الأحلام

يُعد تفسير الأحلام من الأمور الجائزة لمن يملك الدراية والعلم في تعبيرها، وقد أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه بتعبيرها، إذ يروي عبد الله بن عباس قال: (أنَّ رَجُلًا أَتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ في المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فأرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ منها بأَيْدِيهِمْ، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلًا، مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ، فأرَاكَ أَخَذْتَ به فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ به رَجُلٌ مِن بَعْدِكَ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ به، ثُمَّ وُصِلَ له فَعَلَا. قالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَلأَعْبُرَنَّهَا، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اعْبُرْهَا قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإسْلَامِ، وَأَمَّا الذي يَنْطِفُ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ، وَأَمَّا ما يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِن ذلكَ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ فَالْحَقُّ الذي أَنْتَ عليه، تَأْخُذُ به فيُعْلِيكَ اللَّهُ به، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ مِن بَعْدِكَ فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ به ثُمَّ يُوصَلُ له فَيَعْلُو به، فأخْبِرْنِي يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قالَ: فَوَاللَّهِ يا رَسولَ اللهِ، لَتُحَدِّثَنِّي ما الذي أَخْطَأْتُ؟ قالَ لا تُقْسِمْ. وفي رِوايَةٍ: جَاءَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُنْصَرَفَهُ مِن أُحُدٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي رَأَيْتُ هذِه اللَّيْلَةَ في المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ. وفي رِوايَةٍ: أنَّ رَجُلًا أَتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: إنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ ظُلَّةً بمَعْنَى حَديثِهِمْ. وفي رِوايَةٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ ممَّا يقولُ لأَصْحَابِهِ مَن رَأَى مِنكُم رُؤْيَا فَلْيَقُصَّهَا أَعْبُرْهَا له قالَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، رَأَيْتُ ظُلَّةً) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد ذكر الكثير من علماء الدين الإسلامي أن الرؤيا لا ينبغي أن يُفسرها إلا من يُحسن ذلك، فإذا رأى فيها خيرًا فليتحدث به، أمّا إذا رأى غير ذلك فالواجب أن يكتمه[٢].


معلومات عن الأحلام

لقد ورد في النصوص الدينية في الشريعة الإسلامية الكثير من المعلومات المتعلقة بالرؤى والأحلام، وفيما يأتي ذكرها[٣]:

  • تُعد الأحلام الصادقة من أجزاء النبوة، إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رُؤْيا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ. وفي رِوايَةٍ: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وأَدْرَجَ في الحَديثِ قَوْلَهُ: وأَكْرَهُ الغُلَّ، إلى تَمامِ الكَلامِ، ولَمْ يَذْكُرِ الرُّؤْيا جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • تُعد الرؤيا أول بشارات الوحي، إذ ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (أوَّلُ ما بُدئَ به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحيِ الرُّؤيا الصَّادِقةُ، أو قال: الرُّؤيا الصَّالحةُ -شَكَّ ابنُ المُبارَكِ- قالت: وكان لا يَرى رُؤيا، إلَّا جاءَتْ مِثلَ فَلَقِ الصُّبحِ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين].
  • تُعد الرؤيا من بشارات المؤمن في آخر الزمان؛ إذ إنها تكاد لا تخطئ، فضلًا عن أنها دليل صدق صاحبها؛ إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا اقترب الزمانُ لم تكدْ رؤيا الرجلِ المسلمِ تكذبُ، وأصدقُهم رؤيا أصدقُهم حديثًا) [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • تُقسم الأحلام إلى ثلاثة أقسام، فمنها ما يكون من الله تعالى، ومنها ما هو حديث نفس، ومنها ما هو بدافع الشيطان، ومصداق ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا ثلاثٌ، فَرؤيا حقٌّ، ورُؤيا يحدِّثُ الرَّجلُ بِها نفسَهُ، ورؤيا تحزينٌ منَ الشَّيطانِ فمَن رأى ما يَكرَهُ فليَقُم فليصلِّ وَكانَ يقولُ: يُعجِبُني القَيدُ وأَكرَهُ الغُلَّ القَيدُ: ثباتٌ في الدِّينِ . وَكانَ يقولُ: مَن رآني فإنِّي أنا هوَ فإنَّهُ ليسَ للشَّيطانِ أن يتمثَّلَ بي. وَكانَ يقولُ: لا تُقَصُّ الرُّؤيا إلَّا على عالِمٍ أو ناصِحٍ) [سنن الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح].
  • تُعد الرؤى في وقت الأسحار أصدق الرؤى التي يمكن أن يراها المسلم؛ إذ إن هذا الوقت له الكثير من الفضائل الرحمانية، وهو من الأوقات التي تتجلى فيها العظمة الإلهية بالغفران والمباركة، وعلى النقيض من ذلك رؤى العتمات وما يناسبها من أوقات انتشار الشياطين، كما أن من أراد لرؤياه أن تصدق فلا بد له من تحري الصدق في حديثه، وأكل الحلال، والنوم على طهارة، والذكر حتى يغلبه النوم.


آداب الرؤى والأحلام

توجد بعض الآداب التي يجب على المسلم أن يتبعها في مسألة الرؤى والأحلام، وفي ذلك وردت بعض الأحاديث النبوية الشريفة، وفيما يأتي ذكرها[٣]:

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رَأَى أحَدُكُمْ رُؤْيا يُحِبُّها، فإنَّما هي مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها، وإذا رَأَى غيرَ ذلكَ ممَّا يَكْرَهُ، فإنَّما هي مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِن شَرِّها، ولا يَذْكُرْها لأحَدٍ، فإنَّها لا تَضُرُّهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ، فمَن رَأَى شيئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عن شِمالِهِ ثَلاثًا ولْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطانِ، فإنَّها لا تَضُرُّهُ وإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَراءَى بي) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رَأَى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يَكْرَهُها، فَلْيَبْصُقْ عن يَسارِهِ ثَلاثًا ولْيَسْتَعِذْ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ ثَلاثًا، ولْيَتَحَوَّلْ عن جَنْبِهِ الذي كانَ عليه) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


المراجع

  1. "What Are Dreams?", sleep, Retrieved 12-1-2020. Edited.
  2. "حكم تفسير الأحلام ومدى تأثيرها على واقع الشخص ومستقبله"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 12-1-2020. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "آداب الرؤى وتفسير الأحلام"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 12-1-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :