Jump to ratings and reviews
Rate this book

جامع البيان عن تأويل آي القرآن #1

جامع البيان عن تأويل آي القرآن#1

Rate this book
وهو أجل التفاسير وأشهرها ، ويعتبر الطبري أبا المفسرين كما يعتبر أبا للتاريخ الإسلامي ، وتفسيره من أقوم التفاسير وأعظمها ، وهو المرجع الأول عند المفسرين .
وللمؤلف منهج خاص بذكر الآية ، أو الآيات من القرآن الكريم ، ثم يبين تأويلها ومعناها ، ويذكر أشهر الأقوال فيها ، ويستشهد على القول بما يؤثر عن الصحابة والتابعين ، ثم يتعرض لترجيح الأقوال ، واختيار الأولى بالتقدمة ، ويتعرض لناحية الإعراب ، واستنباط الأحكام التي تؤخذ من الآية ، وترجيح ما يراه .
وهذا الكتاب هو أوثق وأقدم ما دون في التفسير بالمأثور ، أي بما ثبت بالنقل من بيان القرآن بالقرآن ، وبما ورد فيه من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما روي عن الصحابة والتابعين ، كما أنه أهم مصادر التفسير بالرأي والمعقول ، أي بالإجتهاد والإستنباط وإعمال اللغة والعقل ، قال النووي : " أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري "
قال عنه الإمام السيوطي : " وكتابه أجل التفاسير وأعظمها فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب والاستنباط فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين "
وقال الإمام النووي : " أجمعت الأمة على أنه لم يُصنَّف مثل تفسير الطبري "
وقد حوى ابن جرير جميع تراث التفسير الذي تفرق قبله في كتب صغيرة منذ عصر عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إلى النصف الأول من القرن الثالث الهجري .

623 pages

First published January 1, 1984

Loading interface...
Loading interface...

About the author

محمد بن جرير الطبري

129 books255 followers
محمد ابن جرير بن يزيد الطبري، كنيته أبو جعفر، نسبته إلى طبرستان والبعض ينسبه إلى آمل مكان ولادته، والبعض الآخر ينسبه إلى بغداد حيث ذاع صيته.

كان الطبري رحمه الله يتمتع بحافظة نادرة، ويجمع عدة علوم، ويحفظ موضوعاتها وأدلتها وشواهدها، وإن كُتُبه التي وصلتنا لأكبر دليل على ذلك، حتى قال عنه أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن المفلس: "والله إني لأظن أبا جعفر الطبري قد نسي مما حفظ إلى أن مات ما حفظه فلان طول عمره".

من أشهر شيوخ الطبري: محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن منيع البغوي، ومحمد بن حميد الرازي، وأبو همام الوليد بن شجاع، وأبو كريب محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبو سعيد الأشج، وعمرو بن علي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وخلق كثير نحوهم من أهل العراق والشام ومصر.

قال عنه الخطيب البغدادي: "كان أحد أئمة العلماء، يُحكم بقوله، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظًا لكتاب الله، عارفًا بالقراءات كلها، بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها: صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم...، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم".
وقال عنه الذهبي أيضًا: "كان ثقة حافظًا صادقًا، رأسًا في التفسير، إمامًا في الفقه والإجماع والاختلاف، عَلاَّمةً في التاريخ وأيام الناس، عارفًا بالقراءات واللغة، وغير ذلك".

ترك لنا الطبري ثروة علمية تدل على غزارة علمه، وسعة ثقافته،، ودقته في اختيار العلوم الشرعية والأحكام المتعلقة بها، وكان له قلم سيَّال، ونَفَس طويل، وصبر في البحث والدرس، فكان يعتكف على التصنيف، وكتابة الموسوعات العلمية في صنوف العلوم، مع ما منَّ الله عليه من ذكاء خارق، وعقل راجح متفتح، وجَلَد على تحمل المشاق؛ ومن هذه المؤلفات:

1- جامع البيان في تأويل القرآن، المعروف بتفسير الطبري.

2- تاريخ الأمم والملوك، المعروف بتاريخ الطبري.

3- كتاب ذيل المذيل.

4- اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام، المعروف باختلاف الفقهاء وهو في علم الخلاف.

5- لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام، وهو كتاب فقه في المذهب الجريري.

6- الخفيف في أحكام شرائع الإسلام، وهو في تاريخ الفقه.

7- بسط القول في أحكام شرائع الإسلام، وهو في تاريخ الفقه الإسلامي ورجاله وأبوابه.

8- تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار، وسماه القفطي (شرح الآثار) وهو كتاب في الحديث، بقيت منه بقايا طُبعت في أربع مجلدات.

9- آداب القضاة، وهو في الفقه عن أحكام القضاء وأخبار القضاة.

10- أدب النفوس الجيدة والأخلاق الحميدة.

11- كتاب المسند المجرد، ذكر فيه الطبري حديثه عن الشيوخ، بما قرأه على الناس.

12- الرد على ذي الأسفار، وهو ردٌّ على داود بن علي الأصبهاني مؤسِّس المذهب الظاهري.

13- كتاب القراءات وتنزيل القرآن، ويوجد منه نسخة خطية في الأزهر.

14- صريح السنة، وهي رسالة في عدة أوراق في أصول الدين.

15- البصير في معالم الدين. وهو رسالة في أصول الدين، كتبها لأهل طبرستان فيما وقع بينهم من الخلاف في الاسم والمسمى، وذكر مذاهب أهل البدع، والرد عليهم.

16- فضائل علي بن أبي طالب، وهو كتاب في الحديث والتراجم، ولم يتمه الطبري رحمه الله.

17- فضائل أبي بكر الصديق وعمر، ولم يتمه.

18- فضائل العباس، ولم يتمه.

19- كتاب في عبارة الرؤيا في الحديث، ولم يتمه.

20- مختصر مناسك الحج.

21- مختصر الفرائض.

22- الرد على ابن عبد الحكم على مالك، في علم الخلاف والفقه المقارن.

23- الموجز في الأصول، ابتدأه برسالة الأخلاق، ولم يتمه.

24- الرمي بالنشاب، أو رمي القوس، وهو كتاب صغير، ويُشك في نسبته إلى الطبري.

25- الرسالة في أصول الفقه. ذكرها الطبري في ثنايا كتبه، ولعلها على شاكلة الرسالة للإمام الشافعي في أصول الاجتهاد والاستنباط.

26- العدد والتنزيل.

27- مسند ابن عباس. ولعله الجزء الخاص من كتاب (تهذيب الآثار)، وطبعت البقية الباقية منه في مجلدين.

28- كتاب المسترشد.

29- اختيار من أقاويل الفقهاء.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
39 (59%)
4 stars
14 (21%)
3 stars
4 (6%)
2 stars
4 (6%)
1 star
5 (7%)
Displaying 1 - 8 of 8 reviews
Profile Image for فيصل.
54 reviews114 followers
February 6, 2017
الحمد لله على التمام
انتهى مشوار ال7 أشهر في قراءة هذا التفسير بمجلداته ال27.. رافقني هذا الكتاب في أشهر صعبة ومتقلبة بحياتي لذلك له معزة كبيرة عندي..
قراءة تفسير الطبري كان مشروع أخطط لتنفيذه لسنتين أو ثلاث.. يقال أن الأمام الطبري رحمه الله أمضى ثلاث سنوات يستخير الله لكتابة هذا التفسير أما أنا فمكثت نفس المدة أستخير لأقرأه :)

لماذا تفسير الطبري ؟
في البداية قررت قراءة أي تفسير من التفاسير المطولة.. اختيار تفسير الطبري تم لعدة اعتبارات.. أولاً كل تفسير من التفاسير المطولة يتميز في مجال معين يتقنه مؤلفه.. فتفسير القرطبي متميز في مجال الفقه وابن كثير في التاريخ وتفسير الكشاف أو ابن عاشور في الجانب اللغوي.. تفسير الطبري هو -حسب رأي أهل العلم- أشمل التفاسير.. سعة علم الإمام الطبري رحمه الله في اللغة والحديث والتاريخ والفقه جعلت تفسيره يتميز في كل هذه العلوم.. بل وقرأت مرةً أن باحثاً أجرى مقارنة بين تفسير الطبري والكشاف للزمخشري في الجانب اللغوي -نقطة قوة تفسير الكشاف- ووجد أن كفة تفسير الطبري ترجح في هذا الجانب!
تفسير الطبري يعتبر كتاب التفسير الأقدم بين أيدينا وقد نقل عنه كثير من المفسرين اللاحقين لذلك يسمى إمام المفسرين.. بالمجمل هذا التفسير يكاد يكون الأهم رغم أنه بالتأكيد لايغني عن قراءة التفاسير الأخرى..
منهج الطبري في التفسير كالآتي: يذكر الآية أو الجملة ثم يشرحها بشكل تفصيلي ثم يتبع ذلك بالآثار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل التفسير من الصحابة والتابعين ويذكر اختلافهم في تفسير الآية إن وجد ثم يذكر ترجيحه وسبب اختياره لقول دون آخر.. استفدت كثيراً من منهجه في الترجيح بين الأقوال.. ويعد كتابه من أهم كتب التفسير بالمأثور -الكتب التي تعتمد على الأحاديث والآثار الواردة من أهل العلم في تفسير القرآن- وقد جمع في تفسيره حوالي 40 ألف أثر!
عند وجود أكثر من قراءة للآية يذكر القراءات المختلفة ويختار ما يستجيز القراءة به منها ويوضح معانيها.. وفي حال وجود تعبير لغوي في الآيات قد يسبب إشكالاً أو مفردة غريبة فيستدل بأشعار العرب وأمثالهم على صحة استعمال تعبير معين أو على استعمال لفظة بمعنىً معين.. الشواهد الشعرية كانت كثيرة جداً واستمتعت بقراءته خصوصاً مع هوامش الشيخ محمود شاكر رحمه الله.. في الجانب اللغوي يذكر أيضاً أقوال "أئمة العربية" وإن كان كثيراً ما يضرب بها عرض الحائط إن خالفت أقوال أهل التفسير من الصحابة والتابعين :) أما إن كان رأيهم لا يخالف رأي أهل التفسير فيستعرض آرائهم ويرجح الأصح منها..
أثناء قراءتي للتفسير أصبحت مغرماً بعقلية الإمام الطبري رحمه الله.. فصله بين أقوال أهل العلم وحججه وترجيحاته مثيرة جداً للإعجاب.. بل حتى تركه للترجيح مثير للإعجاب.. في غير مرة ذكر اختلاف المفسرين في تفصيل صغير -مثل نوع الثمرة التي أكل منها آدم- ثم ذكر أنه لاسبيل لنا من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية لمعرفة أي ذلك أصح وأن هذا مما لا يضير الجهل به ولا ينتفع بعلمه.. أيضاً من الملامح المهمة في تفسيره اهتمامه بسياق الآيات.. عند وجود أكثر من تفسير محتمل يميل إلى ترجيح التفسير الأكثر تلاؤماً مع سياق الآيات.. كما يحرص على ربط الآيات ببعضها البعض ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

قرأت الكتاب ضمن مشروعي لتطوير حصيلتي من العلم الشرعي والوصول لفهم أفضل للدين الإسلامي.. هل حققت هدفي من القراءة أم لا ؟ الإجابة معقدة.
منهج الطبري كان علمياً جاداً أكثر مما توقعته.. لذلك فالكتاب لا أنصح به إلا لمن يرغب بتعزيز حصيلته من العلوم القرآنية.. بينما كنت أظن أنني سأجد في الكتاب بعضاً من الفوائد والاستنباطات التي تزخر بها الكتب المعنيّة بالتدبر.. ويبدو أن الطبري رحمه الله كان يريد ادراج بعضها -في المجلدات الأولى ذكر فوائد في التدبر في غير موضع أذكر منها أنه استدل بإحدى الآيات على بطلان منهج القدريين- لكن يبدو أنه عدل عن ذلك تلافياً لإطالة الكتاب وقد أشار في مواضع كثيرة لرغبته في عدم إطالة الكتاب بالاستطرادات..
لكن الفائدة التي حصلتها من التفسير عظيمة جداً وتطور استيعابي للنصوص القرآنية واستفدت الكثير جداً دينياً ولغوياً وحتى فكرياً.. لذلك أصف تجربتي مع التفسير بالناجحة جداً.. رغم أنني في المجلدات الأخيرة بدأت أقرأ بشكل أسرع وأقفز بعض الآثار المتكررة والتفصيلات اللغوية المعقدة :)


طبعات الكتاب
إذا أردت قراء التفسير فعليك بطبعتين لا ثالث لهما .. الأولى الطبعة التي حققها محمود شاكر رحمه الله بمساعدة أخيه أحمد شاكر.. والثانية هي الطبعة التي تمت بإشراف الشيخ التركي.. تتميز طبعة الشيخ محمود شاكر بتعليقاته النفيسة على الكتاب.. تبين تعليقاته الغموض الذي قد يكتنف منهج الطبري أحياناً لأنه ربما اختصر في مواضع عن تبيين حجته اعتماداً على فطنة القارئ واستيعابه لمنهجه وقراءته للتفسير منذ البداية.. كما يتميز تحقيقه بتوضيح مواضع ابتداء الاستطرادات وانتهائها.. فالإمام الطبري يطيل في استطراداته كثيراً وقد يصل الاستطراد إلى صفحة كاملة أو صفحات ثم يواصل جملته بلا تنبيه.. كما يتميز تحقيقه بالتنبيه إلى الأماكن التي شرح فيها الطبري لفظة قرآنية معينة لأنه يشرح اللفظة وأصلها اللغوي ويستدل عليها بشواهد شعرية ثم عند تكرار اللفظة في موضع آخر يشير إلى أنه شرحها في كتابه بدون التنبيه على موضعها.. أيضاً كما هو متوقع من شيخ العربية تعليقاته اللغوية مفيدة جداً سواء في شرح الأبيات الشعرية أو توضيح الألفاظ الغريبة أو شرح المفردات النحوية حيث يستعمل الطبري مصطلحات اندرست ولم تعد تستعمل في وقتنا الحاضر.. أيضاً له تعليقات مهمة جداً في توضيح بعض المعلومات التي قد تشكل على مبتدئين مثلي.. وللأسف أحد أهم تعليقاته كان في المجلد الأخير الذي قام بتحقيقه ووعد بأنه سيؤلف كتاباً عن هذه المسألة لكن يبدو أن الكتاب لم ير النور ولا زال في نفسي شيء من هذا الموضوع..
مشكلة طبعة الشيخ محمود شاكر هو عدم اكتمالها.. فقد توقف بعد تحقيق 16 مجلداً بسبب مشكلة مع الناشر.. قام الناشر فيما بعد - دار المعارف - باستكمال طباعة الكتاب بتحقيق مجموعة من أهل العلم لكن لم يصلوا لمستوى تحقيق الشيخ محمود شاكر رحمه الله فقد كان تحقيقه مثرياً جداً للكتاب مع العلم أن المخطوطة التي اعتمد عليها كان فيها الكثير من السقط والتصحيف كان يعوضه بعلمه الواسع باللغة وبصيرته النافذة.. ويحكي عنه من عمل في تحقيق التركي أنه كان كثيراً ما يملاً السقط في المخطوطة التي بين يديه اعتماداً على تشربه لمنهج الطبري وألفاظه ووجدوا أن ما أضافه محمود شاكر يطابق تماماً عبارة الطبري !
طبعة التركي -دار عالم الكتب- هي الطبعة الأجود من ناحية تحقيق النص وقد اعتمدت على مخطوطة لم تتوفر لمحمود شاكر ومن قبله.. يعيبها عدم استفادتها من تعليقات محمود شاكر إلا في مواضع نادرة.. إن استطاع شخص أن يجمع بين الطبعتين فهو الأكمل..
عن نفسي قرأت طبعة دار ابن الجوزي المصرية المصورة عن طبعة دار المعارف.. أما بعد انتهاء تحقيق محمود شاكر فجمعت بينها وبين طبعة دار الحديث التي استعانت بنص طبعة التركي.. كنت أتمنى اقتناء طبعة عالم الكتب ( التركي) لكن سعرها الباهض منعني من ذلك.
Profile Image for عمرو  عزازي.
275 reviews362 followers
August 8, 2014
طريقة الإمام الطبري -رحمه الله- من أمتع و أحب الطرق و الأساليب إلى قلبي في تفسير القرآن .. سهل و بيسط و يسير بلا أي تعقيدات
Profile Image for آلاء  بن سلمان.
224 reviews75 followers
July 21, 2012
المجلد الاول
قرأته سريعاً فأنا أعرف طريقة ابن جرير في التفسير مُسبقاً
هذا المجلد فقط أضاف لي شيئاً من سيرة حياة محمد بن جرير
Profile Image for Moneerah12.
19 reviews4 followers
February 1, 2012
كتاب رائع مثل الأجزاء السابقه يشرح لك القرآن بشكل مفصل ومفهوم ويورد جميع الأقوال ويوضح الأقرب لأن يكون أصح الأقوال من وجهة نظره والسبب في اختياره لهذا القول
Profile Image for Salman Hafidz.
8 reviews3 followers
June 14, 2012
قرئ على أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في سنة ست وثلاثمائة ، قال : الحمد لله الذي حجت الألباب بدائع حكمه ، وخصمت العقول لطائف حججه وقطعت عذر الملحدين عجائب صنعه ، وهتفت في أسماع العالمين ألسن أدلته ، شاهدة أنه الله الذي لا إله إلا هو ، الذي لا عدل له معادل ولا مثل له مماثل ، ولا شريك له مظاهر ، ولا ولد له ولا والد ، ولم يكن له صاحبة ولا كفوا أحد; وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة ، والعزيز الذي ذلت لعزته الملوك الأعزة ، وخشعت لمهابة سطوته ذوو المهابة ، وأذعن له جميع الخلق بالطاعة طوعا وكرها ، كما قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ) [ سورة الرعد : 15 . فكل موجود إلى وحدانيته داع ، وكل محسوس إلى ربوبيته هاد ، بما وسمهم به من آثار الصنعة ، من نقص وزيادة ، وعجز وحاجة ، وتصرف في عاهات عارضة ، ومقارنة أحداث لازمة ، لتكون له الحجة البالغة .

ثم أردف ما شهدت به من ذلك أدلته ، وأكد ما استنارت في القلوب منه بهجته ، برسل ابتعثهم إلى من يشاء من عباده ، دعاة إلى ما اتضحت لديهم صحته ، وثبتت في العقول حجته ، ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ سورة النساء : 165 ] [ ص: 4 ]

وليذكر أولو النهى والحلم . فأمدهم بعونه ، وأبانهم من سائر خلقه ، بما دل به على صدقهم من الأدلة ، وأيدهم به من الحجج البالغة والآي المعجزة ، لئلا يقول القائل منهم ( ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ) [ سورة المؤمنون : 33 - 34 ] فجعلهم سفراء بينه وبين خلقه ، وأمناءه على وحيه ، واختصهم بفضله ، واصطفاهم برسالته ، ثم جعلهم - فيما خصهم به من مواهبه ، ومن به عليهم من كراماته - مراتب مختلفة ، ومنازل مفترقة ، ورفع بعضهم فوق بعض درجات ، متفاضلات متباينات . فكرم بعضهم بالتكليم والنجوى ، وأيد بعضهم بروح القدس ، وخصه بإحياء ا��موتى ، وإبراء أولي العاهة والعمى ، وفضل نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ، من الدرجات بالعليا ، ومن المراتب بالعظمى . فحباه من أقسام كرامته بالقسم الأفضل وخصه من درجات النبوة بالحظ الأ��زل ، ومن الأتباع والأصحاب بالنصيب الأوفر . وابتعثه بالدعوة التامة ، والرسالة العامة ، وحاطه وحيدا ، وعصمه فريدا ، من كل جبار عاند ، وكل شيطان مارد حتى أظهر به الدين ، وأوضح به السبيل ، وأنهج به معالم الحق ، ومحق به منار الشرك . وزهق به الباطل ، واضمحل به الضلال وخدع الشيطان وعبادة الأصنام والأوثان ، مؤيدا بدلالة على الأيام باقية ، وعلى الدهور والأزمان ثابتة ، وعلى مر الشهور والسنين دائمة ، يزداد ضياؤها على كر الدهور إشراقا ، وعلى مر الليالي والأيام [ ص: 5 ] ائتلاقا ، خصيصى من الله له بها دون سائر رسله - الذين قهرتهم الجبابرة ، واستذلتهم الأمم الفاجرة ، فتعفت بعدهم منهم الآثار ، وأخملت ذكرهم الليالي والأيام - ودون من كان منهم مرسلا إلى أمة دون أمة ، وخاصة دون عامة ، وجماعة دون كافة .

فالحمد لله الذي كرمنا بتصديقه ، وشرفنا باتباعه ، وجعلنا من أهل الإقرار والإيمان به وبما دعا إليه وجاء به ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أزكى صلواته ، وأفضل سلامه ، وأتم تحياته .

ثم أما بعد فإن من جسيم ما خص الله به أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الفضيلة ، وشرفهم به على سائر الأمم من المنازل الرفيعة ، وحباهم به من الكرامة السنية ، حفظه ما حفظ عليهم - جل ذكره وتقدست أسماؤه - من وحيه وتنزيله ، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم دلالة ، وعلى ما خصه به من الكرامة علامة واضحة ، وحجة بالغة ، أبانه به من كل كاذب ومفتر ، وفصل به بينهم وبين كل جاحد وملحد ، وفرق به بينهم وبين كل كافر ومشرك; الذي لو اجتمع جميع من بين أقطارها ، من جنها وإنسها وصغيرها وكبيرها ، على أن يأتوا بسورة من مثله لم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . فجعله لهم في دجى الظلم نورا ساطعا ، وفي سدف الشبه شهابا لامعا وفي مضلة المسالك دليلا هاديا ، وإلى سبل النجاة والحق حاديا ، ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) [ سورة المائدة : 16 . حرسه بعين [ ص: 6 ] منه لا تنام ، وحاطه بركن منه لا يضام ، لا تهي على الأيام دعائمه ، ولا تبيد على طول الأزمان معالمه ، ولا يجوز عن قصد المحجة تابعه ولا يضل عن سبل الهدى مصاحبه . من اتبعه فاز وهدي ، ومن حاد عنه ضل وغوى ، فهو موئلهم الذي إليه عند الاختلاف يئلون ، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعقلون وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون ، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون ، وفصل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون ، وعن الرضى به يصدرون ، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون .

اللهم فوفقنا لإصابة صواب القول في محكمه ومتشابهه ، وحلاله وحرامه ، وعامه وخاصه ، ومجمله ومفسره ، وناسخه ومنسوخه ، وظاهره وباطنه ، وتأويل آيه وتفسير مشكله . وألهمنا التمسك به والاعتصام بمحكمه ، والثبات على التسليم لمتشابهه . وأوزعنا الشكر على ما أنعمت به علينا من حفظه والعلم بحدوده . إنك سميع الدعاء قريب الإجابة . وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما .

اعلموا عباد الله ، رحمكم الله ، أن أحق ما صرفت إلى علمه العناية ، وبلغت في معرفته الغاية ، ما كان لله في العلم به رضى ، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى ، وأن أجمع ذلك لباغيه كتاب الله الذي لا ريب فيه ، وتنزيله الذي لا مرية فيه ، الفائز بجزيل الذخر وسني الأجر تاليه ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .

ونحن - في شرح تأويله ، وبيان ما فيه من معانيه - منشئون إن شاء الله ذلك ، كتابا مستوعبا لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه جامعا ، ومن سائر الكتب [ ص: 7 ] غيره في ذلك كافيا . ومخبرون في كل ذلك بما انتهى إلينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه واختلافها فيما اختلفت فيه منه . ومبينو علل كل مذهب من مذاهبهم ، وموضحو الصحيح لدينا من ذلك ، بأوجز ما أمكن من الإيجاز في ذلك ، وأخصر ما أمكن من الاختصار فيه .

والله نسأل عونه وتوفيقه لما يقرب من محابه ، ويبعد من مساخطه . وصلى الله على صفوته من خلقه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا .

وأول ما نبدأ به من القيل في ذلك : الإبانة عن الأسباب التي البداية بها أولى ، وتقديمها قبل ما عداها أحرى . وذلك : البيان عما في آي القرآن من المعاني التي من قبلها يدخل اللبس على من لم يعان رياضة العلوم العربية ، ولم تستحكم معرفته بتصاريف وجوه منطق الألسن السليقية الطبيعية
5 reviews1 follower
August 11, 2020
عينُ كُتب التفسير، وأجلّها.
- يجمع بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي.
- يذكر خلاف السلف في تفسير الآية، ويورد بسنده أقوال كل فريق، وكثيراً ما يُرجّح بينها مع التّعليل.
- يعتني باختلاف القراءات، خصوصاً ما يؤثّر في المعنى.
- يهتمّ باللغة في التفسير، والترجيح بين الاختلافات.

لا يصلُح للمبتدئين...
يحتاج الناظِر فيه إلى معرفة بعلوم الآلة - كأصول التفسير والنحو ومصطلح الحديث- ، إضافةً إلى معرفة منهج الإمام - رحمه الله- فيه.
Profile Image for سلمان.
Author  1 book162 followers
May 18, 2018
المفسرون عيال على الطبري رحمه ﷲ
Displaying 1 - 8 of 8 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.