كثيرًا منا عندما يقع في أزمة أو ضائقة تراه يعقد نذرًا أي يعد أنه سيقوم بشيء ما عند انجلاء تلك الأزمة مثل إطعام مساكين أو إخراج صدقات أو غيرها من النذور ونفس الشيء عندما يكون بانتظتر خبر مفرح فنجده يعقد الكثير من النذور وتمر الأيام ويتفاجأ صاحب النذر أنه قد نسا أن يفي بالنذر الذي عقده على نفسه فيشعر بالخوف تجاه ذلك ويبدأ في البحث عن الحل، لذا سنساعدكم في هذا المقال على معرفة كيف أوفي نذر نسيته ومعرفة حكم النذور والصفات الواجب توافرها في الشخص الناذر وكذلك في الشيء المنذور وصيغة النذر نفسها وغيرها من الأشياء التي قد تهمك.
رأي الأئمة في النذر
اختلف الأربع أئمة في جواز الإقدام على النذر من البداية حيث كان لكل مذهب منهم رأي خاص به كالتالي:
- الحنفية: يرى الحنفية أن النذر هو أحد القربات المشروعة طالما استوفى شروطه ولم يكن في شيء يغضب الله عز وجل كما يرون أنه نوع من العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل
- المالكية: يرى المالكية أن حكم النذر يعتمد على نوع النذر نفسه، فعلى سبيل المثال يرون أنه من الجائز الوفاء بالنذز المعلق أو المطلق بينما يرون كراهية الوفاء بالنذر المكروه وهو إلزام المكلف نفسه بفعل شيء مكروه، كما يذهبون إلى تحريم النذر حينما يعد المكلف بالقيام بشيء لا يستطيع أدائه
- الشافعية: يرى الشافعية أن النذر يكون قربة إذا كان طاعة إلى الله عز وجل ويكون مكروه إذا كان لجاج للمخاصمة
- الحنابلة: يرى الحنابلة أنه مكروه حتى وإن كان طاعة حيث لا يستطيع الناذر أن يغير الواقع بنذره أو إحداث شيء جديد ويستشهدون بحديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا وإنما يُستخرج به من البخيل”
كيف أوفي نذر نسيته
اتفق جمهور العلماء على وجوب تحديد نوع النذر والوفاء به إذا كان فيه قربة لله عز وجل أو لم يكن فيه أي شبهة حرمانية أو كراهية، ولكن في حال نسيان النذر إذا كان صيام أو صدقة أو صوم أو غير ذلك فعليه أن يجتهد لمعرفته وإن لم ينجح في ذلك فقد رأى بعض العلماء مثل الشافعية إلى أنه عليه فعل جميع ذلك. ولكن ذهب جمهور أهل العلم إلى أن كفارة نسيان النذر هي نفسها كفارة اليمين، أي عتق رقبة فمن لم يجد فإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وذلك وفقًا لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: “كفارة النذر كفارة اليمين”. ويمكن للشخص الناذر أن يتجه إلى الوفاء بنذره المنسي من خلال القيام بكفارة اليمين في الحالات الآتية:
- إذا كان النذر فيه قربة وطاعة لله عز وجل ولكنه عجز عن الوفاء بنذره ويكون في هذه الحالة النذر تحت بند المكروه حيث قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا وإنما يُستخرج به من البخيل”
- إذا كان النذر شاقًا أو أمر يصعب القيام به مثل من ينذر بصوم الدهر كله، وفي هذه الحالة يكون الوفاء بالنذر أمر مكروه ولكن عليه كفارة اليمين
- إذا كان النذر هو صيام يومي العيد، ففي هذه الحالة يحرم الوفاء بالنذر والدليل على ذلك قول زياد بن جبير: (كُنْتُ مع ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَذَرْتُ أنْ أصُومَ كُلَّ يَومِ ثَلَاثَاءَ أوْ أرْبِعَاءَ ما عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هذا اليومَ يَومَ النَّحْرِ، فَقَالَ: أمَرَ اللَّهُ بوَفَاءِ النَّذْرِ، ونُهِينَا أنْ نَصُومَ يَومَ النَّحْرِ فأعَادَ عليه، فَقَالَ مِثْلَهُ، لا يَزِيدُ عليه).
الشروط الواجب توافرها في الناذر
حتى يصح النذر ويجب الوفاء به، لابد وأن يتوفر في الشخص الناذر بعض الصفات والشروط وهي كالتالي:
- أن يكون مسلمًا، فلا يصح النذر من غير المسلم
- أن يكون مكلفًا، ويعني ذلك أن يكون واعيًا لما يقوله فلا يصح النذر مثلا من الصبي الصغير أو من المجنون
- أن يكون مختارً، فلا يكون مجبرًا أو مكرهًا على النذر
- أن يكون ناطقًا، أي لا يجوز القيام بالنذر عن طريق الإشارة ولابد من النطق به
- أن يكون نافذ التصرف، أي يكون عاقلًا ومدركًا لما يقوله على عكس المجنون والصبي الصغير
الشروط الواجب توافرها في الشيء المنذور
هناك بعض الشروط الواجب توافرها في الشيء المنذور حتى يصح النذر ويمكن الوفاء به، وهي كالتالي:
- أن يكون النذر فيه طاعة وقربة لله عز وجل بحيث لا يكون النذر من الفرائض أو الواجبات المفروضة على أي مسلم
- أن يكون النذر أمرًا ممكنًا وجائزًا شرعًا، فلا يمكن للشخص أن يقول على سبيل المثال إن حصل كذا سأصوم طوال الليل لأن الصيام ليلًا غير موجود في ديننا الحنيف
- إن يكون النذر أمرًا مقصودًا، فكما اتفقنا أن النذر لابد وأن يكون قربة لله عز وجل ولكننا لا يصح أن نذر بأن نغتسل مثلًا أو نتوضأ لأن الاغتسال والوضوء ليس هو المقصود وإنما المقصود الصلاة على سبيل المثال