بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم كامل، هو الموضوع الذي سيقدّمه هذا المقال، حيث أنّ القرآن الكريم هو كلام الله -سبحانه وتعالى- ووحيه المنزل على رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلّم- وهو مصدر التّشريع الإسلامي الأول، فهو يحوي شريعة المسلمين ومنهجهم القويم، ويتّبع القرآن أساليب لغوية بليغة كالقصص، في هذا المقال يقدّم بحثُّ عن مجموعة قصص هامّة ذُكرت في القرآن الكريم، وهي قصص الأنبياء صلوات الله عليهم.
أسلوب القصص في القرآن الكريم
قبل الاطلاع على بحث عن قصة نبي في القرآن الكريم، لا بدّ من بيان أسلوب القصص في القرآن الكريم، فكتاب الله لم يعتمد أسلوبًا واحدًا ليوصل رسالته للنّاس، بل إنّه يعتمد أساليب مختلفة كالحوار وضرب المثل والتربية النفسية والتّوجيه الخلقي، وإنّ أسلوب القصص من الأساليب التي اعتمد عليها القرآن الكريم، ففيه الكثر من التّشويق والموعظة والعبرة، فالقصّ في اللغة يعني تتبّع الأثر، والقصص اصطلاحًا تعني الإخبار عن قضية ذات مراحل، يتبع بعضها بعضًا.
أنواع قصص القرآن الكريم
إنّ أسلوب القصص القرآنية يُقسم لثلاثة أنواع رئيسة في كتاب الله وهي
- قصص الأنبياء وهي نوع القصص الذي يدور حوله بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم، حيث أنّ هذه القصص تتضمّن دعوة الأنبياء لأقوامهم وبعثتهم فيهم، وكذلك تبيّن المعجزات التي حصلوا عليها وأيدهم الله بها.
- قصص الأحداث الغابرة وهي تعرض أحداثًا مهمة وقعت في غابر الأزمان، كقصّة طالوت وجالوت وابني آدم وأصحاب الكهف.
- قصص في عهد النّبي حيث حدثت عديد الأمور في زمن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- والتي قصّها القرآن، كبعض الغزوات والهجرة والإسراء والمعراج وغير ذلك.
بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم كامل
بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على أتمّ المرسلين محمّدٍ أشرف الخلق وسيّد العالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدّين، أمّا بعد/
فإني أبدأ بحثي هذا، بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم، وأنا أعلم كلّ العلم أنّ بحثي هذا ما هو إلا قطرات في بحرٍ كبيرٍ من العلم، في هذا المجال، فالقرآن الكريم هو الكلام الأبلغ والأقوم، وإنّ من سبق من أهل العم في الحديث عن قصص الأنبياء في القرآن الكريم قد أفاض واستفاض، بل إنّهم قدّموا أمثلةً رائعة في الشّرح والتّفسير والتّوجيه، وإنّي أسأل الله أن يكون ما قدّمت في ميزان حسناتي وأن ينفع به ويؤجرني عليه، وأن يستفيد منه كلّ طالب علمٍ أو معرفة، والله من وراء القصد وجزاكم الله عنّا كلّ خير.
بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم
في هذا البحث الذي أضعه بين أيديكم وهو بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم، سيكون البحث مكوّنًا من عدّة فقراتٍ رئيسة، لكلّ فقرة عنوانٌ خاص، سيبدأ بحثنا بالتّعريف بالأنبياء والرسل، وفيه بيان عدد الأنبياء والرّسل في القرآن الكريم، ثمّ المرور على قصّة أكثر نبيّ تمّ ذكره في القرآن، وسيسرد البحث مجموعة من القصص العظيمة من القرآن الكريم للأنبياء -صلوات الله عليهم- وفي اختيارنا لهذا البحث لأنّ الأنبياء هم أفضل البشر على الإطلاق، وهم حاملي الرّسالات الرّبانيّة للعباد جميعًا، وهم الهادين والمُرشدين للنّاس للحقّ والصّواب.
من هم الأنبياء والرسل
إنّ أوّل ما نستهلّ به بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم، أن نعرّف بمعنى الأنبياء والرّسل، فالنّبي من النّبأ ويأتي بمعنى الخبر في اللغة، وسمّي النّبيّ نبيًّا لأنّ الله نبّأه أي أخبره، وأوحى إليه من شرعه، والنّبوّة هي الشّرف، وهي المكان المرتفع من الأرض، وهو يدلّ على رفعة من يُطلق عليه اسم نبي، والنّبي هو كلّ إنسانٍ أوحي إليه بشرعٍ من الله، وبٌعث إلى قومٍ مؤمنين بشرعٍ سابق، فيعمل بشريعة من قبله ويؤكّدها، ويُصحّح ما أخطأ به النّاس، أمّا الرّسول فهي كلمةٌ مشتقّة من البعث والإرسال والتّوجيه، فالرّسول هو المبعوث الموجّه بالرّسالة، وسمّي رسولًا لأنّ الله -سبحانه وتعالى- بعث إليهم برسالةٍ جديدة وأمرهم أن يبلّغوها للنّاس.
عدد الأنبياء الذين تم ذكرهم في القرآن الكريم
قد بلغ عدد الأنبياء الذين تم ذكرهم في القرآن الكريم خمسةً وعشرون نبيًّا ورسولًا، ثمانيّة عشر منهم وردوا في موضعٍ واحد وهو في قوله تعالى {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}. أما السّبعة الباقون فقد وردت أسماءهم في مواطن متفرّقة.
أسماء الأنبياء والرسل الذين ذكروا في القرآن بالترتيب
إنّ أسماء الأنبياء والرّسل الذين وردت أسماؤهم في القرآن الكريم، هم بالتّرتيب الزّمني والتسلسل لبعثتهم في أقوامهم وهم
- آدم عليه السلام.
- إدريس عليه السلام.
- نوح عليه السلام.
- هود عليه السلام.
- صالح عليه السلام.
- إبراهيم عليه السلام.
- لوط عليه السلام.
- شعيب عليه السلام.
- إسماعيل عليه السلام.
- إسحاق عليه السلام.
- يعقوب عليه السلام.
- يوسف عليه السلام.
- أيوب عليه السلام.
- ذو الكفل عليه السلام.
- يونس عليه السلام.
- موسى عليه السلام.
- هارون عليه السلام.
- يوشع بن نون عليه السلام.
- إلياس عليه السلام.
- اليسع عليه السلام.
- داوود عليه السلام.
- سليمان عليه السلام.
- زكريا عليه السلام.
- يحيى عليه السلام.
- عيسى عليه السلام.
- وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
أكثر نبي ذكر في القرآن الكريم
إنّ القرآن الكريم ذكر الأنبياء والرّسل وذكر معهم قصصهم وبيّن معجزاتهم، وإنّ بعض الرّسل ذكر مرّةً واحدة وبعضهم مرّتين وبعضهم أكثر من ذلك، ولكنّ واحدًا منهم تكرّر ذكره كثيرًا في القرآن الكريم، وهو نبيّ الله موسى -عليه السّلام- حيث تكرّر اسمه في القرآن الكريم ستًّا وثلاثين ومائة مرّة، والحكمة من ذلك أنّ القرآن فصّل في حياته كما لم يفصّل في حياة أحدٍ غيره من الأنبياء في القرآن الكريم والله أعلم.
قصة آدم عليه السلام
قصة آدم -عليه السلام- وردت في القرآن الكريم في سبعة مواضع، وهي البقرة والأعراف والحجر، والإسراء وطه والكهف وص، فقد خلق الله -عز وجل- آدم من طين وأمر الملائكة أن تسجد له فسجدوا إلا إبليس كان من الحاسدين، فعلّم الله -سبحانه وتعالى- آدم الأسماء كلّها وأسكنه الجنة، ثمّ خلق له من ضلعه زوجه حوّاء، وأمره أن يسكن وزوجه الجنّة وأن يأكلا منها حيث شاءا، فيقول الله في كتابه العزيز {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}. لكنّ الشيطان وسوس لهما وأغواهما بأن يأكلا من تلك الشّجرة، فخالفوا أمر الله، فأمرهم أن يهبطوا للأرض وجعلهم أعداء بعض، ليقسم إبليس أن يغوي البشر جميعًا، وتبدأ الحياة البشريّة على الأرض من سلالة آدم عليه السلام.
قصة نوح عليه السلام
وردت قصّة نوح -عليه السلام- في عديد المواضع في القرآن الكريم، فقد وردت في سورة هود والأعراف ويونس والمؤمنون والشعراء والعنكبوت والصافات والقمر، كما وردت في القرآن سورةٌ كاملة باسم نوح عليه السّلام، وقصّته أنّ الله أرسله لقومٍ كانو يعبدون الأصنام من دون الله، فدعاهم نوح -عليه السّلام- إلى الله لكنّهم لم يستجيبوا، فاتّبع معهم كافّة الوسائل والأساليب من ترغيبٍ وترهيب لكنّهم ما سمعوا له، وبيّن لهم أنّه لا يريد منهم أجرًا ولا مقابل بل هو يبغي مصلحتهم ونصحهم، فوصفوه بالضّلال وأصرّوا على كفرهم وشركهم، وقد مكث نوح فيهم ألف سنةٍ يدعوهم، حتّى أوحى إليه الله -سبحانه وتعالى- أنّه لن يؤمن منهم إلا من آمن وأمره أن يبني السّفينة فإنّه عذابه قادم، ففعل حتّى سخر منه قومه أنّه كان نبيًّا بالأمس وأصبح نجّارًّا اليوم، لكن عندما وقع أمر الله أغرقهم جميعًا وكانوا عبرةً لمن يعتبر.
قصة صالح عليه السلام
ذُكرت قصّة نبيّ الله صالح -عليه السلام- في القرآن الكريم واحدٍ وعشرين مرة، في سورة الأعراف وهود والحجر والشعراء وفصلت، جاءت في هذه السّور مفصّلة، ووردت في الباقي أقل تفصيلًا، حيث أنّ الله -سبحانه وتعالى- أرسل نبيّ الله صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود وهم من قبائل العرب وصالح كان واحدًا منهم فهم بنو قومه، كانت ثمود تسكن في مساكن الحِجر شمال الجزيرة العربيّة بالقرب من بلاد الشّام، وكانوا قومًا ينعمون بنعم الله وما أنزل عليهم منن مظاهر الحضارة والعمران، لكنّهم جحدوا بأنعم الله وكفروا به وأشركوا، فدعاهم صالح لتوحيد الله وعبادته، لكنّهم اتّهموه بالكذب وطلبوا منه معجزةً تدلّ على صدق كلامه، فكانت معجزته من الله أن أخرج لهم ناقةً عظيمة من الصّخرة، وأمرهم أن يتركوها ولا يتعرّضوا لها بأذى، وأن يُحسنوا إليها، لكنّهم قتلوها ولأم يلتفتوا لما حذّرهم منه نبيّهم، فأخذتهم الصّيحة والصاعقة عذابٌ من الله لما كفروا به.
قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
وردت قصّة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السّلام- في القرآن الكريم في الكثير من المواضع، حيث ارتبط ذكر إسماعيل في معظمها بالحديث عن أبيه إبراهيم، دعا إبراهيم قومه لعبادة الله الواحد الجبار وأن يتركوا عبادة الأوثان، فهدم أصنامهم واتّهم كبير الأصنام بذلك، فبهت الكفّار لكنّهم لخزيهم أرادوا أن يحرقوا إبراهيم -عليه السّلام- فأضرموا نارًا كبيرة لم يُشهد مثلها أبدًا وألقوه فيها، لكنّ مشيئة الله أن تكون هذه النّار بردًا وسلامًا على إبراهيم فلم يتأثّر بها، وقد كانت زوجته سارة عقيمًا فقامت بتزويجه من خادمته هاجر، فرزقه الله إسماعيل لتدبّ الغيرة في لقب سارة، ويأمر الله إبراهيم أن يأخذ هاجر وابنها للبيت العتيق، وكان في مكانٍ بعيد مُقفر، فتركهما هناك وعاد، فأخذت هاجر تبحث عن الماء والطعام لتسدّ رمق صغيرها، ليضرب إسماعيل برجليه الأرض وتتفجّر الماء من تحتها، وليكون زمزم في ذلك الموضع، الذي جذب النّاس إليه.
وفي قصّتهما وردت حادثة الذّبح، حيث أنّ إبراهيم كان يرى في الرّؤيا أنّه يذبح ولده إسماعيل، بأمرٍ من الله -سبحانه وتعالى- فامتثل لأمر الله وبارد الابن بالطّاعة لله ولأبيه، فأمسك إبراهيم السّكين ليذبح ابنه ومررها على حلقه لكّنها لم تذبح، ولم تقطع، ثمّ كرّر ذلك لكن دون جدوى، حتّى أنزل الله له كبشًا من السّماء كان فداءً لنبيّ الله إسماعيل -عليه السّلام- وأمرهما الله -سبحانه وتعالى- أن يضعا قواعد البيت فبنياه وكان البيت الحرام.
قصة موسى عليه السلام
قصة موسى -عليه السلام- من أكثر القصص التي وردت في القرآن الكريم، ولد موسى في مصر وقد ألقته أمّه في النّهر داخل تابوت، خوفًا من فرعون الذي أمر بقتل أولاد بنو إسرائيل الذّكور، لأنّه رأى في منامه أنّ واحدًا منهم يقتله، فوجده حرّاس هذا الفرعون فأخذوه لقصر الملك الذي أخذت زوجته ترجوه أن يبقيه لها تربيّه، ففعل وأعاد الله أمّه إليه لترضعه، شبّ موسى في قصر فرعون، ولكنّه قتل أحد الجنود المصريّين بالخطأ عندما أراد أن يدافع عن شابٍ من بنو إسرائيل، فهرب موسى خوفًا من أن يقتله فرعون وجنوده، فعمل راعيًا عند شيخٍ في مدين يقال أنّه شعيب، وتزوّج إحدى بناته، ثمّ بعد فترةٍ من الزّمن أراد موسى أن يرجع لمصر، وفي طريق عودته نزلت عليه رسالة الوحي من السّماء وأيّده الله بالمعجزات، وأرسله لفرعون الذي طغى وتكبّر، فآمن به بنو إسرائيل لكنّ فرعون عزم على قتلهم جميعًا، فخرج موسى بقومه، حتّى انقسم له البحر ونجا مع قومه، وأغرق الله فرعون والذين معه.
قصة يوسف عليه السلام
ورث يوسف عليه السّلام النّبوّة عن أبيه النّبيّ عليه السّلام، فه يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام أجمعين، ولد في كنعان وقضى جزءً من طفولته فيها، وكان عليه السّلام يحظى بمكانةٍ عظيمةٍ ومحبّة كبيرة في قلب والده، وفي يومٍ رأى رؤيا، وفسّرها له والده يعقوب بأنّه سيكون نبيّاً ورجلاً عظيماً وسيحظى من الدّنيا بشأنٍ كبير، فعلم إخوانه الأحد عشر بهذه الرؤيا، ممّا دفعهم إلى التّآمر عليه، وحاولوا قتله فرموه في بئرٍ مالحةٍ لا تقربها القافلات ولا السيّارة، ذلك بسبب الغيرة ووسوسة الشيّطان، وأرشد الله تعالى قافلةً إلى البئر تستسقي منه، فوجدوه في قلب البئر وأخذوه معهم من أرض كنعان إلى أرض مصر، وباعوه عبداً لعزيز مصر الّذي شبّ في قصره وتربّى على يد زوجته، وكان يوسف عليه السّلام يتفرّد بجمالٍ لم يملكه إنسانٌ من قبل أبداً، فحاولت زوجة العزيز أن تراوده عن نفسه فأبى، ونجاه الله تعالى بمعجزةٍ عظيمة، وأمرت زوجة العزيز بسجن يوسف إن لم يطعها بما تريده.
سجن يوسف عليه السلام ودعوته لأهل مصر
ظلّ في السجن سنواتٍ طويلة قضاها كلّها في التّعبّد ودعوة السّجناء على الإيمان بالله تعالى وترك عبادة آلهةٍ باليةٍ لا وجود لها، حتّى أتى على البلاد حاكمٌ عادل، وأخرجه من السّجن بعد أن أوّل له رؤياه الّتي أنزت بالقحط والجفاف الآتي على مصر لمدّة سبع سنوات، فعينه الملك عزيزاً ومستشاراً ووزيراً له، وبدأ يوسف بدعوة أهل مصر إلى الإيمان وترك عبادة الأصنام والشّرك بالله -تبارك وتعالى- فآمن الملك وأهله وآمن معظم أهل مصر بعد أن رأوا المعجزات ورأوا تحقّق الرؤى الّتي كان يؤوّلها، وبعد اكتمال السّبع سنوات أذن الله تعالى له بالاجتماع بوالده وإخوانه، ومن ثمّ تحققت رؤياه بأن سجد له إخوته ووالده، وكان ذلك أمراً مقضيّاً من عند الله تبارك وتعالى.
قصة زكريا ويحيى عليهما السلام
بُعث نبيّ الله زكرّيا عليه السّلام الّذي يعود نسبه إلى خليل الله إبراهيم عليه السّلام، لبني إسرائيل يدعوهم إلى عبادة الله تعالى، وترك عبادة الأوثان والشّرك بالله -تبارك وتعالى- وكان قومه يضمرون الشّر والفُجر في نفوسهم، ويستغلّون أصغر فرصةٍ للقضاء على التّعاليم الّتي يدعوان إليها زكريّا عليه السّلام، وقد بلغ العمر ما بلغ من نبيّ الله، وقضى الله تعالى وقدّر أن تكون زوجة النّبي عاقراً لا تلد، وفي يومٍ دعا زكريا ربّه سبحانه، بأن يهب له ولداً يرث عنه النّبوّة والحكمة والعلم، فبشّره الله تعالى بغلامٍ واسمه يحيى، وقد وهب الله تعالى هذا الولد لزكريّا تكريماً فحاشاه أن يردّ دعوة نبيّه وعبده المخلص والمطيع، وورث يحيى العلم والحكمة والنبوة، ووهبه الله تعالى الفطنة والذّكاء، فحفظ أحكام التّوراة، واعتكف على عبادة الله تعالى والمناجاة والدّعاء، ودعا قومه إلى التّوحيد والإيمان بالله تبارك وتعالى، فكان عالماً وقاضيّاً وحاكماً بين النّاس وهو ما زال صبيّاً، وكان بارّاً بوالديه ويتصّف بكلّ خلقٍ حسنٍ وعظيم، ولقد تآمر القوم الكافرون على نبييّ الله يحيى وزكريّا، وقتلوهما بأبشع الطّرق وأوحشها، فأمّا عن زكريا فقد قطعوه وهو داخل الشّجرة، وأمّا يحيى فقط قطعوا رأسه وهو في المحراب يصلّي، فخسف بهم الله تعالى جزاءً لما فعلوه.
قصة عيسى عليه السلام
جاء عيسى عليه السّلام نبيّاً لبني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة الله تعالى والابتعاد عن الشّرك والكفر، وقد كانت ولادة عيسى معجزةً عظيمة، فقد اصطفى الله تعالى من النّساء مريم بنت عمران، أطهر نساء الأرض، وأوحى إليها بأنّه سبحانه سيهبها غلاماً، وكانت مريم ما زالت عذراء لم يمسسها رجلٌ أبداً، فتعجّبت من الأمر فأوحى الله إليها بأنّه أمرٌ مقضيٌّ وهو قادر -سبحانه وتعالى- على ذلك من دون أدنى شك، فامتثلت لأمر الله واستسلمت، وحملت بابنها عيسى عليه السّلام، واعتزلت قومها حتّى ولدته، وعند ولادته أمرها الله تعالى بأن تأخذه لقومها وتصوم عن الكلام فلا تخاطب أحداً منهم إطلاقاً، بل إنّ ابنها الّذي ما زال في مهده هو من خاطبهم وكانت تلك معجزةٌ عظيمةٌ لهذا النّبيّ العظيم، فهو قد تكلّم في مهده، وآتاه الله تعالى معجزاتٍ عظيمة، فكان يبرئ المرضى ويشفيهم بإذن الله تعالى، وكان يشفي الأعمى والأبرص، كما كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى، وقد أنزل عليه الله تعالى الإنجيل كتاباً ليدعو النّاس من خلاله لعبادة الله تعالى، ثمّ تآمر بنو إسرائيل على قتله، فرفعه الله تعالى إلى السّماء، وشبّه لهم رجلاً منهم فظنّوه عيسى فصلبوه وقتلوه، وقد بشّرنا النّبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه سينزل من السّماء إلى الأرض ليحكمها بالعدل وليمحو بيده الفساد من الأرض.
قصة محمد خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم
ولد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مكّة المكرّمة في عام الفيل يتيم الأب، ومن بعد سنواتٍ صار يتيم الأم أيضًا، فتربّى في كنف جدّه عبد المطّلب وعمّه أبو طالب، وقد عمل في شبابه في الرعيّ والتّجارة مع عمّه، وفي الخامسة والعشرين من عمره تزوّج من السيّدة خديجة رضي الله عنها، وقد رزقه الله تعالى بالأولاد، وكان رسول الله أحسن النّاس خلُقاً وخُلُقاً وكان عفيف النّفس كريماً جوداً وشجاعاً وأميناً، حتّى لقب في مكّة المكرّمة بالصّادق الأمين، وكان النّبيّ يتّبع ملّة إبراهيم أي ملّة التّوحيد، ولا يقرب الأصنام والأوثان أبداً ولا يفعل ما اعتاد عليه أهل الجاهليّة، كما كان يخرج للتّعبّد والتّفكّر بالكون العظيم في غار حراء، ولما أتمّ النّبيّ عامه الأربعين، نزل عليه الوحيّ في غار حراء، وأوحى إليه بأنّه نبيّ ورسولٌ اصطفاه الله تعالى ليكون خاتم الرّسل والأنبياء، ويكون دينه هو دين الله تعالى دين الإسلام الحنيف، فتمثّل لأمر الله تعالى وقضى ثلاث سنواتٍ يدعوا للإسلام سرّاً ثمّ جهر بالدّعوة لتلحقها عشر سنواتٍ أخرى، وعند اشتداد الأذى على المسلمين من قبل المشركين والكفرة، أذن الله تعالى لنبيّه بالهجرة للمدينة المنوّرة الّتي آمن أهلها وأسلموا، وعاش في المدينة أحد عشر عاماً قضاها ما بين الغزوات ضدّ المشركين وما بين تأسيس قواعد وأركان الدّولة الإسلاميّة العظيمة، الّتي سانده بها نساؤه وأصحابه والمسلمون رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وقد كانت للرسول الكثير من المعجزات، أعظمها القرآن الكريم المعجزة الخالدة، والتحق النّبيّ بالرّفيق الأعلى في السّنة الحادية عشرة للهجرة المباركة، صلّى الله عليه وسلّم.
أولو العزم من الرسل
اختلف أهل العلم في تحديد أولي العزم من الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام أجمعين، وقد تعدّدت الأقوال في هذه المسألة، حيث أنّ الرّاجح والأصحّ منها، هو أنّ الرسل أولو العزم هم خمسة فقط، وهم رسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وعيسى ابن مريم عليه السّلام، وإبراهيم الخليل عليه السّلام، وموسى كليم الله عليه السّلام، ونوحٌ عليه السّلام، وقد ذكروا جميعهم في قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}. ويجدر بنا القول إنّ جميع أنبياء الله تعالى ورسله أصحاب عزمٍ وصبرٍ وقد أخذوا على أنفسهم ميثاقاً ثقيلاً غليظاً، والله أعلم.
خاتمة بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم
قد قدّمنا لكم في بحثنا هذا قصّة نبيّ ذكر في القرآن الكريم، نشكر لكم حسن القراءة والمتابعة، ونشكر الجهود الّتي بُذلت للمساعدة في إتمام هذا البحث الشّيق، فلقد جمعنا في هذا البحث مقتطفاتٍ من سير الأنبياء والرّسل وذلك بعد الدّراسة العميقة والبحث في المصادر و الموثوقة، المرفقة في آخر البحث، وإلى اللقاء في بحوثٍ أخرى، ونرجو من الله تعالى أن يكون هذا البحث ذو نفعٍ وقيمةٍ وفائدةٍ للأمّة الإسلاميّة، والحمد لله ربّ العالمين.