طريقة العمره بالتفصيل للسيدات، هو الموضوع الّذي سنعرضه في هذا المقال، فلقد شرّع الله تعالى للمسلمين العبادات والفرائض والواجبات، وقد كلّف المرأة ما كلّف به الرّجل ففرض الصّلاة والزّكاة والحجّ على المرأة كما فرضها على الرّجل، فالإسلام قد ساوى بين الرّجل والمرأة في التّكاليف الشّرعيّة، لكنّ صفة العبادات والفرائض للنساء قد تختلف في بعض التّفاصيل نظرًا لطبيعة تكوين المرأة وخلقتها، لذا عبر سيتمّ التّعرّف على للنساء المسلمات وما هي الأحكام الّتي خصّهنّ الله تعالى بها دون الرّجال.
مفهوم العمرة في الإسلام
إنّ العمرة عبادةٌ وعملٌ صالحٌ شرّعه الله تعالى لعباده، ووصّى به رسوله الكريم عليه الصّلاة والسّلام، فلقد قال الله تعالى في الذّكر الحكيم {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. وإنّ كلمة عمرة في اللّغة العربيّة يُقصد بها الزّيارة، وأمّا في الشّريعة الإسلاميّة فإنّ العمرة يُقصد بها الزّيارة المخصوصة إلى بيت الله الحرام في مكّة المكرّمة، وتؤدّى هذه الزيارة بصفةٍ مخصوصةٍ من خلا أداء أربعة مناسك وهي الإحرام والطّواف والسّعي بين جبليّ الصّفا والمروة، ثم الحلق أو التّقصير، وأمّا عن حكمها فقد اختلف أهل العلم فمنهم من يقول بأنّها واجبةٌ وعلى المسلم تأديتها كالحج، ومنهم من يقول بأنّها سنّةٌ مؤكّدةٌ ومستحبّةٌ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من أدّاها نال أجرها وفضلها، ومن لم يؤدّها فلا بأس عليه ولا حرج بإذن الله تعالى.
حكم العمرة للنساء
قبل الخوض في شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء، لا بدّ من معرفة حكم العمرة للنساء، حيث إنّ العمرة عبادةٌ مشروعة للمسلمين رجالًا كانوا أو نساءً، وذلك باتّفاق أهل العلم في ذلك، لكنّ أهل العلم اختلفوا في حكمها مع اتفاقهم على مشروعيّتها، فكان لهم فيها قولين، وهما
- قول المالكية والأحناف في حكم العمرة فقد ذهب الإمامان مالك وأبو حنيفة إلى أنّ العمرة سنّةٌ مستحبّة في الإسلام، وهي عبادةٌ غير واجبة، وقد اعتمد هذا القول وقال به ابن تيمية.
- قول الشافعية والحنابلة في حكم العمرة قال الإمامان الشّافعي وأحمد أنّ العمرة واجبة على كلّ مسلم، واستدلّوا على قولهم بحديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام، وقال بهذا الرأي الشيخ ابن باز والشّيخ ابن عثيمين وهو القول الرّاجح والله أعلم.
شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء
شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء لا تختلف كثيرًا عن شرح طريقة العمرة للرجال، إلا في بعض الجزيئيّات البسيطة، وهي من الأمور التي ينبغي لكلّ امرأة أن تعرفها لو أرادت أن تعتمر وذلك حرصًا منها على صحّة عبادتها وعمرتها، فلو أرادت المرأة أن تعتمر فإنّها ستقوم لتغتسل وتتطهر، وتقوم بإزالة ما يُزال من شعر جسدها وتقلّم أظفارها ولا تتطيّب كما يفعل الرّجل، ثمّ تقوم فتصلّي ركعتين وتنوي الإحرام وتقول “لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك” وعند وصولها للمسجد الحرام، فإنّ عليها أن تقدّم قدمها اليمنى، وتسمّي الله وتدعوه، ثمّ تسلّم على الحجر الأسود بيمينها، وتبدأ الطواف مع حرصها على الطهارة فيه، ويكون الطواف من الركن اليماني، وكلّما وصلت للحجر الأسود تكبر لتختم سبع أشواط، ثمّ تسعى بين الصفا والمروة سبع أشواط، ثمّ تقصر شعرها، وبهذا تنتهي العمرة إجمالًا، وعلى المرأة أن تحرص كلّ الحرص على أن تحقق شروط العمرة وأركانها، وفيما يأتي سيتمّ بيان شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء.
الإحرام للعمرة للنساء
الإحرام للعمرة للنساء من الأمور التي يجب بيانها عند بيان شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء، فالإحرام في اللغة هو الدّخول في الحرمة، وعندما تحرم النساء فإنها تدخل في عهدٍ وميثاق، فيكون على النّساء والرّجال بدخولهم الإحرام ما كان حلالًا يصبح حرامًا، والإحرام هو نية الدخول في العمرة وهو فريضة في العمرة فلا تصحّ من دونه، ولا خلاف ولا فرق بين إحرام الرّجل أو إحرام المرأة بمضمون عقد النّية والله أعلم.
شروط الإحرام للعمرة للنساء
لا فرق بين شروط الإحرام للعمرة للنساء عن شروطه للرجال، فقد وضع الإسلام ثلاثة شروطٍ لا بدّ من توافرها وتحقيقها للإحرام، ولا ينبغي للمرأة أو الرجل الخلل في هذه الشّروط، والشروط هي
- الإسلام وذلك باتّفاق أهل العلم على وجوب صحّة الإسلام ليصحّ الإحرام.
- النّية فلا يصحّ العمل والعبادة إذا لم تعقد المرة النيّة، فبالنّية تتحقّق كلّ عبادة، ولو أطلقت المرأة أو الرّجل النية ولم تعيّنها في تحديد العمرة، فيقع بذلك الحج إن لم تكن قد حجّت سابقًا، والنّية الشّرط الثاني الذي اتّفق عليه أهل العلم.
- التلبية وهو من شروط الإحرام عند الأحناف، وقولٌ فيه عند بعض المالكية، وقال بعض أهل العلم أنّها مستحبّة وليست مشترطة.
محظورات الإحرام للنساء
إنّ محظورات الإحرام هي كلّ ممنوع، والمحظورات هي الممنوعات التي يجب على النساء اجتنابها، وذلك بعد إحرامها ودخولها النسك، من الجدير بالذّكر أنّ الرجال يختصّون باثنتين من محظورات الإحرام، والنساء باثنتين ويشتركان بالباقي، وإنّ محظورات الإحرام العامّة للنساء المشتركة والخاصّة ما يأتي
- يحرم على المرأة أثناء الإحرام أن تلبس النّقاب والبرقع والقفّازين، وهذه محظورات خاصّة بها دون الرّجال.
- يحظر على المرأة إزالة شيءٍ من شعر رأسها أو شعر بدنها بأيّ شرح طريقةٍ كانت، وكذلك يحظر على الرجل هذا الأمر.
- يحظر على النساء في الإحرام أن تزيل شيئًا من أظفارها قياسًا على الشّعر، وعلى الرّجل مثلها.
- يحرم على المرأة الصّيد في الإحرام.
- من المحرّمات استعمال الطّيب أو البخور أو ما يقوم مقامهمها في البدن أو الثّوب أو حتّى في الصّابون ومواد التنظيف، وذلك للمرأة والرّجل، ويزيد على المرأة أنّه يحرّم عليها التطيّب في كلّ الظروف إلا لزوجها من غير إحرام.
- يحرم على النساء والرجال الجماع وهو أعظم محظورات الإحرام وبه يفسد.
سنن الإحرام للنساء
للإحرام بعض الأمور المستحبّة التي يسنّ للنساء والرجال القيام بها قبل الإحرام وبعده، وسنن الإحرام هي الأعمال التي كان يقوم النّبي -صلى الله عليه وسلم- بها، ولو تركها المسلم فلا حرج عليه، ولكن الأفضل القيام بها اقتداءً برسول الله، وسنن الإحرام للنساء
- تقليم الأظافر وأخذ شعر الجسم قبل الإحرام، لما في ذلك من زيادةٍ في الطّهر والنّظافة.
- الغسل عند الإحرام للنساء وحتّى لو كانت حائضًا أو نفساء فلها أن تغتسل، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم ما رواه ابن عباس قال “أنَّ النُّفَساءَ والحائضَ تغتَسلُ، وتُحرمُ، وتَقضي المَناسِكَ كلَّها، غيرَ أن لا تطوفَ بالبيتِ، حتَّى تطهُرَ”.
- الإحرام بعد صلاة الفريضة أو صلاة ركعتين بنيّة الإحرام.
- التحميد والتكبير والتهليل بصوتٍ غير مسموع عند الاستواء على الركب قبل التلبية.
- التلبية والتلفظ بالإهلال بالتلبية ونيّة الدخول في النسك، والإهلال بالتلبية مستقبل القبلة.
مواقيت الإحرام للعمرة للنساء
إنّ معرفة مواقيت الإحرام للعمرة للنساء من أساسيّات معرفة شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء، ومن الجدير بالذّكر أن مواقيت الإحرام ثابتة لا تختلف بين رجلٍ وامرأة، ومواقيت الإحرام للعمرة للنساء مواقيتٌ مكانية وزمانية، شرّعها الله حرمةً لبيت الله وتعظيمًا وتشريفًا له.
مواقيت الإحرام المكانية
وهي الأماكن التي يشرّع الإحرام منها للنساء اللواتي يردن الإحرام للعمرة، وقد تمّ تحديدها بحسب مناطق القدوم، وهي خمسة مواقيت
- ميقات ذو حليفة ميقات أهل المدينة والقادم من جهتها.
- ميقات ذي الجحفة ميقات أهل الشام ومصر والمغرب وكلّ من قدم من جهتها أو مرّ بها.
- ميقات قرن المنازل ميقات أهل نجد والطّائف وكلّ من مرّ بها.
- ميقات يلملم وهو ميقات أهل اليمن وكلّ من مرّ بها أو أتى من جهتها.
- ميقات ذي عرق وهو ميقات أهل العراق ومن مرّ بها.
المواقيت الزمانية للإحرام
المواقيت الزّمانية للإحرام للعمرة هي كلّ وقتٍ يصحّ فيها العمرة، وفي السنّة ثلاثة أشهرٍ للحجّ حددها الشّرع بشوال وذو القعدة وذو الحجة، ولا يكون الحجّ إلا في هذه الأشهر أما العمرة فمواقيتها الزّمانية كلّ أيّام السنة، ويعدّ أفضل وقتٍ لها في أشهر الحجّ ورمضان والأشهر الحرم.
الطواف للنساء في العمرة
الطّواف هو أن تدور المرأة أو الرّجل حول الكعبة المشرفة في البيت الحرام، وذلك بكيفية مخصوصة وشرح طريقة معيّنة، تعبّدًا وتقرّبًا من الله، والطّواف من العبادات الهامّة والمشروعة في الإسلام، ويكون الطّواف للنّساء في العمرة على ذات الصّفة للطّواف للرجال، وذلك بأن تبتدئ المرأة المسلمة الطّواف من الرّكن الذي فيه الحجر الأسود، فتستقبله وتستلمه بيدها، وتحاذيه بجميع بدنها وتبدأ الطّواف جاعلةً يسارها جهة البيت الحرام، فإذا انتهت مرّةً للحجر فهذا شوط، وتكرّره في العمرة سبع مرات فالطّواف سبع أشواط.
شروط الطواف للنساء في العمرة
إنّ للطواف في العمرة عدّة شروطٍ وأحكام على النساء أن يحرصن على تحقيقها، كما يفعل الرّجال تمامًا، وشروط الطواف هي
- إسلام المرأة فالطّواف عبادة ولا تصحّ العبادة من المرأة إن كانت كافرة.
- أن تكون المرأة عاقلة فالعقل شرطٌ عند الأحناف والحنابلة.
- أن تعقد المرأة النية للطواف فلا تكون العبادة إلا بنية وهذا باتفاق أهل العلم.
- أن تستر المرأة عورتها وهذا واجبٌ عليها في الطواف وفي غيره.
- أن تكون المرأة على طهارة في ثوبها وبدنها من أيّ نجاسةٍ أو حدث.
- الالتزام بسبعة أشواط فلو لم تكمل السّبعة لم يكتمل طوافها.
- أن تمشي أثناء الطواف فلا يجوز للمرأة ولا غيرها أن تركب على دابة إلا لحاجة أو عذر.
- أن توالي المرأة بين الأشواط فلا تفصل بينهم بوقتٍ أبدًا.
- أن تبدأ المرأة طوافها من الحجر الأسود فلا يصحّ لها أن تبدأ الطّواف من مكانٍ غيره.
سنن الطواف للنساء في العمرة
تخالف النّساء الرّجال في بعض سنن الطواف وتوافقهم في بعضها، حيث تخالف النساء الرّجال في الرّمل والاضطّباع، فتمشي من غير إسراع، وتستر جميع بدنها من غير نقاب ولا قفازات، ومن سنن الطواف للمرأة
- أن تطوف في الليل لما في ذلك زيادة في السّتر للمرأة.
- أن لا تدنو المرأة أثناء الطّواف من الكعبة وذلك حرصًا منها على عدم مخالطة الرّجال والدّخول في زحامهم، وكذلك تفعل عند الحجر الأسود والركن اليماني.
- من السّنة للمرأة أن تدعو بين الرّكن اليماني والحجر الأسود، وذلك بما أُثر عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّه دعا فيه في هذا المكان.
- أن تكثر من الدعاء والتكبير والتهليل وأن تقرأ القرآن، وذلك من غير صوتٍ مسموع.
- من السنة تقبيل الحجر الأسود، لكنّ المرأة تكتفي بالإشارة بيدها إليه، وذلك للابتعاد عن مزاحمة الرّجال.
- بعد انتهائها من الطّواف تتجه إلى مقام إبراهيم وتصلّي ركعتين خلف مقام إبراهيم.
- تتوجّه بعده لماء زمزم وتشرب منها وترجع للحجر الأسود وتستلمه إن تيسر لها ذلك.
السعي بين الصفا والمروة للنساء في العمرة
في شرح طريقة العمره بالتفصيل للنساء فإنّه من الضروري للمرأة أن تتعلّم كلّ شيء حول السعي بين الصفا والمروة، فالسّعي يُعرف في اللغة أنّه المشي أو العدو من غير سرعة ويكون للمرأة بعد أن تنتهي من طوافها، والصفا والمروة جبلين موجودين بمكة، والصفا تبتدئ منه المرأة سعيها، والمروة تنتهي المرأة إليه بسعيها، والسّعي في العمرة أن تقطع المرأة أو الرّجل المسافة بين الصفا والمروة سبع مرّات، وهو نسك من مناسك العمرة، وإنّ السّعي شرّع في الإسلام إحياءً لسنّة نبيّ الله إبراهيم عليه السّلام وزوجته هاجر وابنه نبي الله إسماعيل -عليهما السلام- والسعي ركنٌ من أركان العمرة.
شروط صحة السعي بين الصفا والمروة
إنّ السّعي بين الصفا والمروة من أركان العمرة لذلك ينبغي على المرأة أن تحرص على صحّته، وأن تلتزم بشروط صحّة السّعي، ومن شروط السعي
- أن تستوعب المرأة كلّ المسافة بين الصفا والمروة في كلّ شوط من أشواط سعيها السّبعة.
- أن تكون مراعيةً في سعيها الترتيب المشروع فتبدأ بالصّفا وتنتهي بالمروة.
- أن تكمل المرأة سبعة أشواط من السّعي كاملة من غير نقصان، ومن الجدير بالذّكر أن ذهاب المرأة من الصّفا إلى المروة يعدّ شوطًا، وعودتها من المروة إلى الصّفا يعدّ شوطًا آخر.
- أن تراعي المرأة أن تقوم بالسّعي بعد طوافها وتمامه وليس قبله.
- من المهم للمرأة أن توالي بين أشواط السّعي وأن لا تفصل بينهم.
التحلل من الإحرام في العمرة للنساء
التّحلل من الإحرام من واجبات العمرة للنساء والرجال، فبعد أن تنهي المرأة طوافها وسعيها لا بدّ أن تتحلل من الإحرام وذلك يكون من بتقصير شعرها، أمّا الرّجل فيخيّر بين الحلق والتقصير، وبعد أن تتحلل المرأة من الإحرام في العمرة بتقصير الشعر، يكون لها كلّ ما حُرّم عليها فترة إحرامها حلالًا، من جماعٍ ومقدّماته وقص الشعر والأظافر وتغطية وجهها ولبسها للقفازين، وبعد أن تتمّ المرأة ما ورد من أعمال من إحرامٍ وطوافٍ حول البيت وسعى بين الصفا والمروة، والتّحلل بالتقصير تكون قد أكملت عمرتها، وتكون شرح طريقة العمرة بالتفصيل للنساء قد تمّ شرحها كاملة.
لباس العمرة للنساء
قد أمر الله تعالى المرأة بارتداء اللّباس المحتشم الّذي يستر بدنها كلّه فلا يظهر مفاتنها ولا يكشف عورتها، وفي العمرة قد منّ الله تعالى عليها بأن جعل لها في لباسها سعةً وإباحة، فلها أن تلبس ما تشاء من اللّباس الّذي يستر جميع بدنها، فلا يصف ولا يشف عنه ولا يكون ملفتًا للنّظر، فيكون فضفاضًا واسعًا غير ضيّق ولا يكون على قدر جسدها، فتظهر المفاتن وتتجسّد، وأن تغطّي رأسها بما يستر كلّه فلا يظهر عنقها أو جزءٌ من شعرها أو غيره، كذلك لها أن تلبس ما تشاء من الأحذية الّتي يجب أن تستر كامل قدمها، وليس لها أن تتبرّج أو تضع الزّينة على وجهها أو أن تلبس الحليّ، وليس لها أن تضع الطّيب في بدنها أو ملابسها، لأنّ الطّيب محرّمٌ على النّساء خارج منزلها، ولا يجوز لأيّ أجنبيٍّ أن يشمّ ريحها، فتصبح بذلك من الزّانيات والعياذ بالله، وأمّا حرّم الله تعالى على المرأة في الإحرام للعمرة فهو النّقاب أو البرقع أو ما خيط على قدر الوجه، كذلك القفّازين وما خيط على قدر اليد، فذلك محرّم، وإن كانت المرأة منتقبة لها أن تستر وجهها بجلبابها أو غطاء رأسها عن محاذاة الرّجال الأجانب، وأن تضع يديها تحت جلبابها لسترهما، والله أعلم.
أذكار وأدعية العمرة
إنّ للعمرة ومناسكها بعض الأدعية المخصوصة الّتي يسنّ للمسلم أن يدعو بها ويذكرها عند أداء المناسك، ذكر الله تعالى عند أداء المناسك سواءٍ في حجٍّ أو عمرة، من أعظم وأهمّ السنن النّبويّة المباركة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “إنَّما جُعل الطوافُ بالبيتِ، وبين الصفا والمروة ورمي الجمارِ لإقامةِ ذكرِ اللهِ”. وسيتمّ فيما يأتي ذكر جميع الأدعية والأذكار المأثورة التي تُقال عند أداء مناسك العمرة.
أدعية الميقات والطريق لمكة
يبدأ المسلم أولى المناسك وهو الإحرام من الميقات فيقول “لبَّيكَ اللَّهمَّ عمرةً”، ومن ثمّ يكمل طريقه إلى مكّة المكّرّمة، وهو يلبّي فالتلبية من أهم الأذكار، ويظلّ المعتمر يلبّي حتّى يصل إلى مكّة المكرّمة، وصيغة التّلبية هي “لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَريكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ، والمُلكَ لا شَريكَ لكَ”. ويمكن للمسلم أن يلبّي لبعض الوقت ثمّ يردّد أيّ ذكر آخر، أو أن يدعو بدعاءٍ آخر، أو أن يتلو ما تيسّر له من القرآن الكريم، والله أعلم.
أدعية الطواف
قد أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين إذا ما وصلوا إلى البيت الحرام أن يدخلوه بالقدم اليمنى اوّلًا ثمّ اليسرى، وأن يدعوا بدعاء المسجد وهو “بسم الله، والسلامُ على رسول الله، اللهمَّ اغفِرْ لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتِك، أعوذُ باللهِ العَظيمِ، وبوَجهِه الكَريمِ، وسُلطانِه القَديمِ، منَ الشيْطانِ الرجيمِ”. ومن ثمّ يأتي فيستعدّ للطّواف باستقبال الحجر الأسود فيكبّر الله تعالى ويقول “بسم اللهِ واللهُ أكبَر”، وأمّا أثناء الطّواف فيسبّه ويهلّل ويتحمّد ويحوقل، أي يقول “سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إله إلا اللهُ واللهُ أكبرُ ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ”، وعند محاذاة الرّكن اليمانيّ يقول المسلم “رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، كذلك قال أهل العلم أن يجوز للمسلم ألّا يلتزم بهذه الأدعية والأذكار فقط، بل له أن يذكر الله تعالى بما يشاء أو يتلو من القرآن الكريم أو أنّ يدعو الله تعالى ويسأله من فضله ورحمته وكرمه.
أدعية السعي بين الصفا والمروة
عندما يصل المسلم إلى نسك السّعي بين الصّفا والمروة يقرأ قول الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. ويبدأ السّعي من الصّف وعندما يرقاه أي يصعد على الجبل يستقبل القبلة ثمّ يقول “لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وَله المُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه، أنجَزَ وَعدَه، ونَصَر عبدَه، وغلَبَ الأحزابَ وحدَه، ولا شيءَ بعدَه”، ويردّد هذا الذّكر ثلاث مرّات، وله أن يدعو بعده بما يشاء، وكذلك يقول عندما يصعد إلى جبل المروة، وله أن يسأل الله تعالى ما يريد ويشاء أثناء السّعي.
شروط العمرة للنساء
هنالك خمسة شروطٍ يجب على المعتمرين سواءً كانوا من الرّجال أو النّساء أن يلتزموا بها، حيث أنّ شروط العمر لا تختلف ولا فرق فيها إنّ كان المعتمر امرأةً أو كان رجلًا، والشّروط هي
- الإسلام أن تكون المعتمرة مسلمةً، وإسلامها صحيحٌ.
- العقل أن تكون المعتمرة عاقلةً غير مجنونة أو غائبة الوعي والإدراك.
- الحريّة أن تكون امرأةً حرّة، لا أن تكون عبدةً او أمةً لأحد.
- البلوغ يجب على المعتمرة أن تكون قد بلغت بحيث أنّها صارت مكلّفة.
- الاستطاعة أن تكون المعتمرة قادرةً على دفع تكاليف سفرها وعودتها لبلادها، وأن تكون قد ضمنت أمن الطّريق من الشّرور، كذلك أن يكون معها أحدٌ من محارمها، وأن تكون سليمةً من الأمراض والعلل الّتي يمكن أن تعيق سفرها.
الفدية في الإحرام
يُحظر على المرأة عند إحرامها الكثير من الأمور الّتي تكون مباحةً لها في غير وقت الإحرام، وإذا ارتكبت واحدًا من هذه المحظورات وجبت عليها الفدية، والفدية تكون على أربعة أشكال تنقسم بحسب المحظور الّذي ارتكبته المحرمة، وهي
- فدية أذى وتكون لقصّ الشّعر أو تقليم الأظافر أو استعمال الطّيب، حيث يجب أن تفتدي إمّا بذبح شاةٍ أو إطعام ستّة مساكين أو صيام ثلاثة أيّام.
- فدية الجزاء بالمثل وتكون للصّيد، فتأتي المعتمرة بمثل ما صادت أو دلّت عليه أو عاونت على صيده فتذبحه في سبيل الله تعالى.
- فدية مغلّظة وتكون عند الجماع والمباشرة فيفسد النّسك، والفدية تكون ذبح بدنة وإعادة النسك.
- ما لا فدية فيه وهو عقد النّكاح والخطبة والزّواج.
فضل العمرة
قد ذكرت العديد من الأحاديث النّبويّة المباركة فضل العمرة للمسلمين، ففيها أجرٌ عظيمٌ كتبه الله تعالى لمن أخلص في العمرة فأدّاها على أكمل وأتمّ وجهٍ، فهي من الأعمال الصّالحة والنّوافل العظيمة الّتي يتقرّب بها العبد من الله جلّ وعلا، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، فيما رواه النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن ربّه تبارك وتعالى “وما يزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحبُّه”. بهذه النّافلة العظيمة يتقّرّب المسلم من ربّه تبارك وتعالى، كذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا”. أي أنّ العمرة تكفّر ذنوب المسلم حتّى يعتمر مرّةً أخرى، وروى ابن عبّاسٍ رضي الله عنه عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال “تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهُما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفِي الكيرُ خبثَ الحديدِ”. فمن فضائل العمرة أنّها تنفي الفقر عمّن اعتمر وثابر على هذه النّافلة العظيمة بقدر استطاعته، ونرى أنّ هذه العبادة العظيمة كُتب لها الأجر الجزيل والفضل الكبير فلا يجب على كلّ مسلمٍ مستطيعٍ أن يفوّتها فيفوته الأجر والفضل.
أحكام هامة للنساء في العمرة
توجد العديد من الأحكام الخاصّة بالنّساء الّتي يجب على كلّ امرأة تنوي الذّهاب إلى العمرة أن تكون على درايةٍ بها، لكيلا تقع بما هو محرّمٌ أو خاطئ، وسنتعرّف فيما يأتي على أهمّ هذه الأحكام الّتي تختصّ بها النّساء دون الرّجال.
هل يجوز للنساء العمرة من دون محرم
إنّ من شروط الاستطاعة في الحجّ أو العمرة للنساء وجود المحرم، وقد يعتقد النّساء أنّ المحرم يجب أن يرافقها في رحلة الحجّ والعمرة كاملةً حتّى عند أداء المناسك، لكنّ المحرم يجب أن يكون ملازمًا للمرأة في طريق السّفر، فإن وصلت إلى مكّة المكرّمة ودخلت إلى بيت الله الحرام لا يجب على المحرم مرافقتها، إن شاء دخل معها، وإن شاء تركها تؤدّي المناسك وحدها، فعمرة المرأة دون محرمٍ صحيحةٌ ومقبولةٌ بإذن الله تعالى، والمحرم يجب أن يلازمها في طريق السّفر في الذّهاب والإياب فقط، أمّا عند أداء المناسك فمباحٌ لها أن تؤدّيها دون محرمٍ يرافقها، والله أعلم.
حكم لبس الجوربين للمرأة المحرمة
قد أباحت الشّريعة الإسلاميّة للمرأة المحرمة لبس الجوارب، فهي مأمورةٌ بستر سائر بدنها، من أعلى رأسها وحتّى أخمص قدمها، فتلبس الجوارب لستر أقدامها، فإمّا أن تلبس جوربين أو خفّين أو جزمةً أو كندرة، كلّه جائزٌ لها شرعًا عند الإحرام، فلباس المرأة في السّعة والإباحة عند الإحرام، شرط ألّا تنتقب ولا تلبس القفّازين، ولا تتبرّج أو تلبس ملابس تظهر مفاتنها، أو تستعمل الطّيب في ثيابها، فذلك محرّمٌ عليها في الإحرام وفي غيره.
هل يجوز لبس النقاب في العمرة
قد نهى النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- المرأة عن لبس النّقاب أو القفّازين عند الإحرام لحجٍّ أو عمرة، وذلك في قوله “المُحرِمةُ لا تنتَقبُ ولا تلبَسُ القفَّازَينِ”. أي لا يجوز للمرأة أن تلبس النّقاب أو البرقع أو كل ّما خيط على قدر الوجه، كذلك لا يجوز لها لبس القفّازين والإحرام بهما أو كلّ ما حيط على قدر اليدين وخُصّص لهما.
هل يجوز لبس الكمامة للنساء في العمرة
لا يجوز للمرأة أن تلبس الكمامة في العمرة أو الحجّ إن كانت تستعيض بها عن النّقاب أو البرقع أو ما كان من جنسهما، فالكمامة تعدّ ممّا فُصّل على قدر الوجه لتغطيته، فلا يجوز لها لبسها لأنّها تعدّ من جنس النّقاب، وأمّا إن كانت ترتديها بسبب الرّوائح الكريهة أو بسبب المرض أو تفشّي الوباء، فذلك جائزٌ لها لأنّها معذورة، أمّا أن تلبسها لغير حاجةٍ فذلك محرّمٌ والله أعلم.
شاهد أيضُا
هل يجوز لبس الخاتم في العمرة للنساء
يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس الخاتم الذّهب أو الفضّة في العمرة أو الحجّ، فذلك مباحٌ لها، حيث لم يرد نصٌّ من القرآن الكريم أو السّنّة النّبويّة المباركة يدلّ على حرمانيّة ذلك، ولأن الخواتم المذهّبة أو غيرها من زينة النّساء، ويجوز لها لبسه، ولكنّ أهل العلم قالوا أنّ تركه أولى وأفضل، والله أعلم.
حكم العمرة للنساء مع مجموعة نساء
لا يجوز للمرأة أن تسافر لحجٍّ أو عمرةٍ بدون محرم، فالرّسول عليه الصّلاة والسّلام قد نهى عن سفر المرأة وحدها دون محرم، لكنّ بعض أهل العلم قالوا أنّه يجوز للمرأة السّفر مع مجموعة نساءٍ ثقات، ولكنّ الأفضل اتّباع قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ما أمر به وما نهى عنه، ومن سافرت وحدها واعتمرت فعمرتها صحيحة، لكنّها أثمت بسفرها وحدها وتلزمها التّوبة والاستغفار، والله أعلم.