هل حرام الترحم على غير المسلم، من الأسئلة التي يكثر طرحها في الآونة الأخيرة، ويدور الجدل حولها، خاصة بعد وقوع بعض الأحداث المهمة والبطولية التي توفي فيها أشخاص غير مسلمين دفاعاً عن قضايا تهم المسلمين، وتحارب الظلم، أو وفاة شخص غير مسلم قدم العديد من الأعمال الخيرية للناس وتمتع بحسن وطيب السمعة والعمل، فيشعر الناس بالشفقة والحزن عليهم، وطلب الرحمة والغفران لهم من الله، وفي هذا المقال سوف نعرف جواز طلب الرحمة لغير المسلم بعد موته من عدمه.

هل يجوز الترحم على غير المسلم بعد موته

هذه القضية من القضايا التي تشغل بال الكثير من المسلمون خصوصاً عند وفاة أحد الأشخاص من غير المسلمين، والذي كان صالحاً وطيباً، أوقدم العديد من الخدمات والمساعدات للمسلمين، ويمتلك تاريخ وسيرة طيبة بين الناس، فيظن البعض أن الترحم عليه بعد وفاته قد يخفف عنه العذاب في الآخرة، أو يرحمه الله لما قدمه في الدنيا، ولكنهم فعلوا ذلك شفقة لأن يكون مثل هؤلاء الأشخاص في النار، على الرغم من كل ما قدموه من خير في حياتهم، ولكنهم لم يعلموا أن ذلك لا يجوز لأنه يناقض العقيدة الاسلامية، ويخالف ما جاء في القرآن الكريم، ولكن البعض لا يولون لهذه الحقيقة اهتماماً لسببين هما:

  • ليبينوا تعاطفهم مع الميت، فيخضعون آيات القرآن الكريم لتتماشى مع أهوائهم ومرادهم،
  • أو لينفوا زعم باقي الأديان بأن الدين الاسلامي دين ارهاب وقسوة وعنف، ويثبتوا عكس ذلك بأنه دين الرحمة والتسامح، وبحجة أن رحمة الله تسع كل شيء.

شاهد أيضاً: لماذا لا يجوز الترحم على غير المسلم

الأدلة على عدم جواز الترحم على غير المسلم بعد موته

أجمع جميع العلماء على عدم جواز الترحم على غير المسلم، وذلك بالحجج والأدلة والبراهين الواضحة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة نذكر بعضها في هذا المقال:

  •  قوله تعالى في كتابه الحكيم: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) وهذا دليل قوي على عدم جواز طلب الرحمة لغير المسلم، حيث نهى الله نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يطلب المغفرة لعمه أبو طالب، الذي توفي دون أن ينطق الشهادتين، والذي قام بتربية الرسول من صغره والاعتناء به، والدفاع عنه من أذى قومه، ودعمه عند نشر رسالته، ولو كان الترحم جائز لكان أبو طالب عم الرسول أولى بهذه الرحمة.
  • قال تعالى: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)، كان سيدنا ابراهيم -عليه السلام- يدعو لأبيه بالمغفرة وهو حي وهذا يجوز، ولكن بعد وفاته أعلن براءته منه لأنه مات كافراً، ولو كان الترحم جائزا لما تبرأ سيدنا ابراهيم من أبيه.

شاهد أيضاً: هل تفسير الاحلام حرام وحكم الاسلام فيه

الأدلة التي زعم بها البعض جواز الترحم على غير المسلم

حاول البعض تأويل معاني بعض آيات القرآن الكريم لتلائم اعتقداتهم وميولهم الشخصية، ولكن عند التدقيق فيها نرى أنها ليست أدلة لذلك، ونذكر هنا بعضها:

  • قوله تعالى في كتابه العزيز: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، حيث قالوا أن رحمة الله تتسع لكل شيء، ومن ضمن هذه الأشياء الكافر، ولكن لو قامو بتكملة الآية لوجدوا ما يناقض كلامهم حيث قال الله -عز وجل-:(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ) فهذا دليل على أن رحمة الله لا ينالها إلى المؤمنون.

شاهد أيضاً: حكم الحب في الاسلام حلال ام حرام

وفي ختام مقالنا هل حرام الترحم على غير المسلم، قد ذكرنا حكم الشرع باثبات القرآن الكريم لعدم جواز الترحم على الكفار، والأدلة التي استخدمها البعض لاثبات جواز طلب الرحمة لهم وبيان عدم صحتها.