تتابع العديد من المؤسسات الاقتصادية والمالية العربية آخر التطورات والأحداث الخاصة بمحادثات الدين الأمريكية، وقد حذر الرئيس الأمريكي أنه لم يتم التوصل إلى حل سريع في أسرع وقت فإن هذه الأزمة ستسبب العديد من المشاكل ذات الخطورة الشديدة، سواء كان فيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي، أو حتى الاقتصاد العالمي، هذا بالإضافة إلى أن الدول العربية بلا شك ستنال نصيبها من الخسائر من جراء تلك الأزمة.

تأثير أزمة الدين الأمريكي على الدول العربية خاصة الدول التي تنتج النفط

كما ذكرنا في الأعلى أن تزايد أزمة الدين الأمريكي تزيد من مدى خطر الاقتصاد الأمريكي وتدهور حالته بشكل خاص، والاقتصاد العالمي والدول العربية بشكل عام، ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع أزمة سقف الدين الأمريكي وعجزها عن السداد كلما اقترب الموعد النهائي لذلك يزيد من مدى الخطر، وخاصة بالنسبة للدول المنتجة للنفط، ويرجع السبب في ذلك في أن هذه الدول يوجد لديها ما يعادل  أربعمائة مليار دولار كنوع من السندات في الخزانة الأمريكية، وبسبب الأزمة التي تمر بها الولايات المتحدة الامريكية فإن استرجاع هذه السندات أمر مشكوك فيه.

هذا بالإضافة إلى أن قيمة سعر الدولار ستنخفض في سوق تداول العملات الاجنبية وهو الأمر الذي سيقلل من قيمة هذه السندات، والأوضاع الاقتصادية في الدول العربية سيئة بشكل عام، فمثال على ذلك دبي ما زالت حتى الآن تتخبط بسبب أزمتها المالية، والتي كان أصلها الأزمة العالمية التي حدثت بسبب أمريكا، فدائما الأحداث في أمريكا تنعكس على اقتصاد الدول العربية، وذلك بسبب العولمة التي أصبحت  تربط بين كلا من الشرق والغرب سواء اقتصاديا أو اجتماعيا، لذلك سنجد أن تبعات أزمة سقف الدين الأمريكي على الدول العربية ستكون كبيرة جدا.

مصير الأربعمائة مليار دولار كأموال لدول عربية يتم استثمارها في السندات الأمريكية، فما هو موقف هذه الأموال؟

سيحدث تأخر في سداد قيمة هذه السندات، ويرجع السبب في ذلك في القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية وهو تخفيض معدل الفوائد على الدولارالأمريكي إلى ما يعادل واحد بالمئة، وهو الأمر الذي سيتسبب في أن قيمة  السندات لا يمكنها أن تقوم بتغطية التضخم، لذلك فإنه يوجد خسارة كبيرة لتلك الدول التي تمتلك هذه السندات، والتي تقدر بمعدل من 2% إلى 3% ، وعندما تنخفض قيمة الدولار فإن ذلك يعني أنه يوجد خسارة أكبر في قيمة هذه السندات التي تقدر بالدولار الأمريكي.

وفي هذه الحالة يمكن تشبيه الدول العربية التي تمتلك هذه السندات بأنها دول تحمل فوق رأسها حجر كبير لا يمكنها أن تتخلص منه وذلك خشية من أن يسقط على رجليها هذا الحجر بمعنى أنها هذه الدول ستتأذي من أزمة الدين الأمريكي في أي حال من الأحوال، ومن الجدير بالذكر أن الصين وأوروبا وضعها نفس وضع الدول العربية بسبب أزمة الدين الأمريكي.

ما مدى تأثير أزمة الدين الأمريكي على الاستثمار في الدول العربية

بسبب تعرض أمريكا لزيادة عبء الدين عليها وعجزها عن السداد وانخفاض قيمة الايرادات من السندات الموجودة على شكل دولارات فإن ذلك يقلص من حجم الاستثمارات التي يمكن تنفيذها  في الدول العربية، والمؤسف أن الدول العربية بلا استثناء لا تلقي بالا للاستثمارات في الداخل، ولكن من الجدير بالذكر أن فكرة التوسع في دول الخليج وذلك لتشمل كلا من دول الأردن والمغرب بالإضافة إلى أنها ستفتح مجال إعادة رسم الاستيراتيجية الخاصة باستثمار هذه الدول وذلك لكي يتم توجيهها إلى الدول العربية التي تتسم بكثفة سكانية أعلى.

هل أنه في حالة عجز البيت الأبيض عن رفع أزمة الدين الأمريكي ستصبح الدول العربية في خطر؟

مما لا شك فيه أنه ييتأثر الدول العربية بأزمة الديون الأمريكية وعدم قدرتها على السداد، ولكن اعتقد أنه سيتم في النهاية التوصل إلى حل ، ويرجع السبب في ذلك في أن القانون الأمريكي يسمح لرئيس الدولة بأنه يرفع أزمة سقف الدين إلى حد معين، ولكن الرئيس الأمريكي يرغب في أنه يتجاوز هذه المحنة دون أن يتجاوز القانون الأمريكي، واعتقد أنه سيقدر التوصل إلى حل لتخطي هذه الأزمة.

ولكن من الجدير بالذكر أن الحل الذي سيتم التوصل إليه سيكون لمدة أشهر قليلة، فالجمهور لا يريد أن يتم رفع سقف أزمة الدين الأمريكي إلى حد كبير، ويرجع السبب في ذلك في أنهم لا يرغبون في منح الديمقراطيين صكا أبيض.

هل يوجد دروس مستفادة من آزمة الدين الأمريكي بالنسبة للدول العربية، أو حتى يمكن للدول الأوربية الاستفادة منها بسبب العجز المالي الذي تعرضت له؟

مما لا شك فيه أنه يوجد دروس مستفادة بالنسبة للدول العربية من أزمة الدين الأمريكي، وأهم هذه الدروس يتمثل في محاولة انشاء نوع من التكامل الاقتصادي العربي، وذلك من أجل تخفيف الانعكاسات السلبية بسبب العولمة، وذلك من خلال الاهتمام بشكل قوي بالاقتصاديات الداخلية للدول العربية أكثر من الوضع الحالي، بحيث تكون أكبر بكثير من الاستثمارات في الخارج.

فعلى سبيل المثال نجد أن دول الخليج مرتبطة في الاقتصاد الخاص بها بالعالم الخارجي أكثر من ارتباطها باقتصاد العالم العربي، لذلك فإنه لابد إعادة توجيه هذه الاستثمارات التي توجد في الدول الخارجية على باقي الدول العربية مثل السودان ومصر، هذا بالإضافة إلى بقية الدول العربية الأخرى، ويرجع السبب في ذلك للتخفيف من مد حدة الانعكاسات التي يمكن أن تحدث بسبب الأزمات المستورة، وأقصد بهذه الأزمات الأزمة المالية في كلا من الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا.

تأثر الاقتصاد العالمي بأزمة الديون الأمريكية

صرح العديد من الاقتصاديون أنه في حالة فشل الكونجرس في التوصل إلى حل لمشكلة أزمة الدين الأمريكية قبل انتهاء الفترة المحددة فإن ذلك يشير إلى حدوث أزمة في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب اعتماده بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي بسبب نفوذه وقوته، وقد أضاف هؤلاء الاقتصاديون أنه من الشبه مستحيل أنه يمكن أن يتم رفع سعر الفائدة على القروض الاستهلاكية على نطاق واسع، ويرجع السبب في ذلك في أن اتخاذ قرار مثل هذا قد يضر بالاقتصاد الأمريكي ويأخذه إلى مرحلة من الانحدار والركود الاقتصادي.

وفي نفس الوقت أشار هؤلاء الاقتصاديون أنه يمكن للاقتصاد العالمي والذي يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي بسبب قوته إلى حالة من الركود، وذلك بسبب تسارع العقوبات نتيجة العجز عن سداد الدين الأمريكي وذلك أن لم يتم التوصل إلى حل بشكل سريع.

وقد أضاف أيضا خبراء الاقتصاد أن التخلف عن سداد الدين الأمريكي سيرسل موجات من الصدمة وذلك عبر الأسواق المالية والعالمية، والتي يمكن أن تؤدي إلى تجميد معظم أسواق الأئتمان في جميع أنحاء العالم، والتي بشأنها تؤدي إلى أن أصحاب الأعمال قد يضطروا إلى تسريح الكثير من العمال.

فيما سبق قدمنا لكم كل ما هو متعلق بأزمة سقف الدين الأمريكي ومدى تأثر الدول العربية واقتصادها بهذه الأزمة إن لم يتم حلها، وكذلك السيناريو المتوقع حدوثه بالنسبة للاقتصاد العالمي في حالة عدم التوصل إلى حل.