لقد رفع الله تعالى البعض من الآيات على الأخرى فقد جعل لها فضل كبير ومن ضمن تلك الآيات آخر آيتين من سورة البقرة من بداية قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة: 285] إلى آخر السورة، وقد روى البخاري عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله ليه وسلم ” لآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”، وقد تحمل كلمة كفتاه معاني عديدة فالبعض من العلماء يقول الآيتان تجزئان عن قيام الليل، والبعض الآخر يقول تجزئان عن قراءة القرآن بشكل عام في هذه الليلة، ومنهم آخرون يقولون إنهما تكفيان من كل سوء.
فضل اخر ايتين من سورة البقرة
قال الإمام ابن حجر العسلاقى في كتابه فتح الباري لشرح صحيح البخاري، أن قول النبي: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة أي من قوله تعالى آمن الرسول إلى نهاية السورة وآخر الآية الأولى المصير بعد ذلك إلى آخر السورة آية واحدة بالإضافة إلى قوله تعالى وأما ما اكتسبت.
مقاصد سورة البقرة
تحتوي سورة البقرة على مقدمة وأربعة مقاصد أساسية تليهم الخاتمة، وتشمل كافة مقاصد الإسلام ودلالات عديدة على القرآن الكريم كتاب هداية، وأيضًا توضح ضرورة الإيمان بالغيب.
وقد اهتمت مقدمة سورة البقرة على معرفة القرآن الكريم وتوضيح ما يحتوي من هدى وفلاح ومنفعة للناس، وتوضح بأن ذلك بيان صريح لا يمكن إنكاره سوى من ليس له قلب أو أن قلبه مريض، ومقاصدها كما يلي:
- المقصد الأول: الدعوة العامة لكافة الناس لدين الإسلام وعدم إتباع ما كانوا عليه من أديان وعقائد لا تمثل عقائد الإسلام، والنصح لهم بإتباع دين الإسلام فهو دين الحق الوحيد المقبول عند الله عز وجل.
- المقصد الثاني: يختص الحديث بأهل الكتاب ودعوتهم للالتزام بالحق الذي يدعوا إليه القرآن الكريم وإتباع هداه.
- المقصد الثالث: توضيح الدافع الديني الذي يحث الإنسان على الالتزام وإتباع شرع الله تعالى كما ينهي عن عدم الاهتمام به ومخالفته.
- المقصد الرابع: شرح وتوضيح شرائع الدين الإسلامي.
وتوضح خاتمة سورة البقرة حقيقة من استجاب إلى تلك الدعوة كاملة وهي دعوة الإسلام وإتباع ما فيها من تشريعات ومقاصد.
آخر آيتين من سورة البقرة
{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
فضل خواتيم سورة البقرة
ولفضل آخر آيتين من سورة البقرة لقوله صلى الله عليه وسلم “ن قرأ بالآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليله كفتاه رواه البخاري وجاء في التفسير لفظ كفتاه في فتح البازي لابن حجر الكثير من المعاني منها جاء معنى كفتاه أي أجزأتاه لما قام به من قيام الليل بالقرآن، ومنها أنهما أجزأتاه عن قراءة القرآن مطلقًا في الصلاة أو خارجها وأيضًا كفتاه بمعنى أجزأتاه بما يتصل بالاعتقاد لاشتمالها على الإيمان وكافة الأعمال، وأيضًا كفتاه من كل شر، وقيل كفتاه من الشيطان والعديد من المعاني الأخرى التي تحدثت عنها الآيتان الكريمتان عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كانوا عليه من طاعة الله ورسوله وحسن المعاملة والعبودية لله تعالى.