يتميز الدين الإسلامي بالعلماء والفقهاء، ومن بينهم البخاري والذي يعتبر من أهم علماء الحديث عند السنة والجماعة، واختلف البعض على أصل البخاري، ويتساءل الكثير من الأشخاص هل البخاري فارسي أم عربي، فهناك من يدعي أنه فارسي الأصل، والآخرين يقولون انه عربي الأصل و سنتعرف في مقالنا على أصل البخاري، ومعظمنا يعرف القيمة الكبيرة لهذا العالم الجليل الذي توارث الاجيال الكثير من علوم الحديث الذي نقلها وجمعها فى كتابة الجامع الصحيح، وهنا نتعرف على نظرة قريبة من حياة البخاري.
نشأة البخاري
اسمه هو محمد بن اسماعيل البخاري، ولد في احد مدن أوزباكستان، وهي بخاري، وذلك في 13 من شوال 194هـ، وكان أبوه رجل تقي، وهو من علماء الدين المحدثين، ولقد توفي عندما كان البخاري صغير السن، فنشأ البخاري يتيماً، ربته أمه ورعته وأحسنت تربيته، فتوجه وهو صغير إلى المسجد وحفظ القرآن الكريم منذ نعومة أظافره، ثم بدأ بحفظ الأحاديث الشريفة وهو في سن العاشرة، وكان يحرص على أن يُميز الأحاديث الشريفة من الضعيفة، وكان يلازم الشيوخ والعلماء، ولا يغيب عن حلقات دروس الدين، واتجه مع أمه وأخيه للحج وهناك بدأت رحلته في طلب العلم حيث انه سافر للعديد من البلدان الإسلامية من أجل طلب العلم والاستزادة به، فكان يجمع الأحاديث ويصنفها ويضعها في كتاب سمي بـ “صحيح البخاري”.
هل البخاري فارسي ام عربي
يزعم الكثير من الأشخاص بنسب البخاري فهم يدعون بأنه فارس الأصل، ويشككون في كتابه “صحيح البخاري”، ويمكن القول هنا إن الإمام ليس فارسيا كما يزعمون، البخاري عربي أصيل من قبيلة جعف من سعد العشيرة من مذبح من العرب القحطانية، والدليل على ذلك، جاء في كتاب البخاري ” صحيح البخاري” نسب محمد بن إسماعيل البخاري هكذا، (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي)، ولم يقل أن البخاري انه فارسي الأصل أو من الموالي، فقد نشأ في بلاد بخاري، وتقع بلاد بخاري على نهر جيحون من بلاد ما وراء النهر، وتعتبر بخاري الآن من مدن دولة أوزباكستان في قارة أسيا الوسطى، والذين دخلوا الإسلام في خلافة يزيد بن معاوية عام 61هـ، وقد فتحها الفاتح سلم بن زياد مع الكثير من المدن حولها.
وقد دخل أهل بخاري الإسلام، وقاموا بنصرته ونصرة دين الحق لأنهم أحبوه، وانتشر العلم في بلد بخاري، عن طريق العلماء الذين نبغوا في تلك البلاد حيث قاموا بنشر العلم و الدين الإسلامي في تلك البلاد، كذلك انتشرت اللغة العربية في البلاد التي فتحها المسلمون، وذلك بسبب كثرة العرب الذين استقروا فيها، وكل من نطق باللغة العربية كان عربيا، ويعتبر البخاري من الذين يتكلمون اللغة العربية بطلاقة، وكان من البارعين بمداخلها ومخارجها، فأتقن اللغة العربية وأحسن فيها فكتب الحديث وبرع في كتابته، وأصبح كتابه يعتمد عليه إلى يومنا في علوم الدين وعلم الحديث.
صحيح البخاري
يعتبر صحيح البخاري من أشهر الكتب التي جمع فيها البخاري الأحاديث وصنفها، واستمرت رحلته الشاقة في جمعه وتأليفه للكتاب مدة ستة عشر عاما، وذكر البخاري السبب الذي جعله يقوم بتأليف كتاب البخاري وهو: قال البخاري: “كنت عند إسحاق ابن راهويه، فقال لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى اله عليه وسلم، فوقع ذلك في قلبي، فأخذ في جمع الجامع الصحيح”.
وعدد الأحاديث التي صنفها البخاري في الكتاب “7275” حديثا، وقد اختارها من بين 600 ألف حديث، وكان يدقق في قبول الرواية، واشترط البخاري على الراوي لقبول روايته التالي:
- أن يكون الراوي معاصرا لمن يروي عنه.
- وأن يسمع البخاري الحديث من الراوي.
- أن يتميز الراوي الثقة والعدالة والإتقان والورع.
وكان البخاري يغتسل ويصلي ركعتين قبل أن يضع أي حديث في كتابه، وبدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يتعجل في إخراجه للناس إلا بعد أن انتهى منه، وعاود النظر فيه مرة بعد أخرى، و صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها نراها الآن، ولاقى كتاب البخاري قبولا و استحسانا من قبل الشيوخ وعلماء الحديث بعد أن قام البخاري بعرضه عليهم.
ومن هؤلاء الشيوخ الذين شهدوا له بصحة الأحاديث فيه ” أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معينف”، ثم تلقته الأمة الإسلامية واعتبرته أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى،وقد أقبل العلماء على كتاب “الجامع الصحيح” بالشرح والتعليق والدراسة، وكذلك أقبل عليه العلماء من غير المسلمين، وقاموا بتدريسه وترجمته، وكتبت حوله عشرات الكتب، وقد تفوق البخاري على كافة العلماء والأقران من العرب وغيرهم في علم الحديث.