هل الاحتفال براس السنة الميلادية حرام سؤال شرعي يعود بالمسلم إلى أصوله حيث يعتبر مصدر الاستدلال في الشريعة الإسلامية الكتاب وهو القرأن الكريم والسنة النبوية وهما المصدرين الأصليين لذلك، ويستنبط العلماء من هذه الأدلة التي وردت في الكتابين الأحكام الشرعية فالأدلة في الكثير من الأحيان ترد في موقف معين أو إجمالية لكنها تنزل على الوقائع الفرعية التي تندرج فيها فمثلا المكسر في الشريعة الإسلامية حرام إذ كل مسكر حرام وكان يشيع عند العرب في القديم الخمر فعندما يتطاول الزمان ثم تأتي مادة أخرى تذهب العقل وتسكر ولو لم تكن خمراً فإن شربها من الحرام، والسؤال عن الاحتفال برأس السنة أيضاً مما تكلم فيه العلماء وبينوا حكمه ونحن هنا نبين كلامهم.
الاحتفال براس السنة الميلادية حرام
جاءت شريعة الإسلام بسماحتها وجمال أحكامها وجعلت للمسلمين عيدين فقط هما الأضحى والفطر ولذلك كانت الأعياد الأخرى والاحتفال بها من البدع والحرام إذ لو كانت شرعية وصحيحة وحلال لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله عليه ومن سار على طريقهم من السلف، ورأس السنة الميلادية والاحتفال والتهنئة به من الحرام كما بين أهل العلم وأسباب ذلك في التالي:
- حرام لأن هذا العيد من أعياد الكفار والاحتفال به والتهنئة به من التشبه بالكافرين في هذا العيد الذي لا يجوز فعل ذلك فيه.
- إن المسلمين لهم تقويمهم الهجري ولهم العيدين الأضحى والفطر وابتداع عيداً لم يشرع في الكتاب والسنة من الله عز وجل من الحرام.
- إن المسلم يحرص على أن يتابع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والتابعين من بعدهم فإذا تركوا فعل شيء مع وجوده في زمانهم فإنهم تركوه لأنه لم يكن حلاً ليأخذوا به وهذا من ذلك.
- إن النصارى يحتفلون بعيد رأس السنة الميلادية ( الكريسماس) ويقولون هو عيد ميلاد المسيح ابن الله أو هو الله عيسى بن مريم وذلك من الكفر فمن احتفل بذلك فإنه داخل في الإثم إن كان يجهل فإن علم وشاركهم ما يقولون فقد كفر، وهذا هو جواب سؤال هل الاحتفال براس السنة الميلادية حرام.
حكم الاحتفال براس السنة الميلادية
بعد العودة إلى أقوال العلماء والأدلة التي يوردونها فإن هناك من يصرف المناسبة عن حقيقتها ويقول إن قصدت أنني أحتفل كبداية عام أتمنى فيه السعادة فعند ذلك لا أشارك المصارى في اعتقادهم وهنا لا بد أن نقول إلى اتقاء الشبهات والبعد عن الحرام أولى، خاصة أن هنالك أقوال محرمة وهذا من جواب هل الاحتفال براس السنة الميلادية حرام الذي نبين الأدلة الواضحة ومن أهمها:
- أما الكتاب: فقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ) قال مجاهد في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى والضحاك.
- أما السنة: فمنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذا اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر. رواه أبو داود، وأحمد، والنسائي على شرط مسلم.
- أما الإجماع: فمما هو معلوم من السير أن اليهود والنصارى ما زالوا في أمصار المسلمين يفعلون أعيادهم التي لهم، ومع ذلك لم يكن في عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك، وكذلك ما فعله عمر في شروطه مع أهل الذمة التي اتفق عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم: أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وإنما كان هذا اتفاقهم على منعهم من إظهارهم، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها! أو ليس فعل المسلم لها أشد من إظهار الكافر لها؟ وقد قال عمر رضي الله عنه: إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم فإن السخطة تتنزل عليهم.
الإسلام و الاحتفال براس السنة الميلادية
إن الشريعة الإسلامية تحب أن ترى المسلم دائماً مبتهج مظهراً للفرحة، لكنها جعلته شخصية متميزة في مأكله ومشربه وملبسه كما أنها حافظت على عباداته، وميزته بأن جعلت له العبادة خالصة لله تعالى وكذلك لا تقبل إلا إن كانت وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كانت الفرحة له في عيد الفطر والأضحى كعيدين وما سواهما لا يسمى عيداً على وجه الحقيقة.
ويفهم من ذلك أن عيد رأس السنة الميلادية من الباطل وقد قال الإمام ابن القيم: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه….. الخ)، كانت هذا هو جواب على هل الاحتفال براس السنة الميلادية حرام.