ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا مِنْ حولك سبب النزول لهذه الآية وهي أصل في دعوة الأتباع إلى الهداية وما فيه الخير بالرفق والحسنى، لأن اللين ما كان في شيء إلا زانه وجمله، والشدة ما غلبت على شيء وزادت عن حدها إلا شانت وأعابت، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليناً رحيما ً بالمؤمنين ولم يرى أبداً وقد غضب إلا عندما تنتهك محارم الله تعالى فكان شديد الغضب لذلك، ولقد مرت به المحن والخطوب فلن تغير من معدنه، وكانت الآيات تأتي موافقة لحالته التي هو عليها تصف الحال والعلاج ومن ذلك هذه الآية التي وضع العلماء التفسير لها وعلم التفسير من العلوم الهامة التي تنقب عن معاني القرأن وما فيه من أسرار.
ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا مِنْ حولك سبب النزول
وصف عبد الله بن عمرو بن العاص النبي – صلى الله عليه وسلم فقال: (إنه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي السيئة بمثلها، ولكن يعفو ويصفح) وهذه من الصفات المشهورة عنه، وقد كان من سبب نزول هذه الآية ما يأتي:
- لما نزلت الهزيمة بجيش المسلمين في أحد نهاية المعركة لعصيانهم رسول الله ونزولهم من على الجبل لم يعنفهم رسول الله وإنما حمد الله تعالى ولم يلم الصحابة فأنزل الله تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
- وهذا يصدق قوله تعالى أيضاً (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
هذه الوقائع تؤكد أن الله تعالى عندما اختار النبي صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم النبيين ويرسله للبشر ليبلغ لم يكن اعتباطاً بل هو أكمل الخلق وأحسنهم ديناً وخلقاً وسبب نزول هذه الآية يبين ذلك “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا مِنْ حولك سبب النزول”.