ما هي أركان الإيمان ، الّتي يجب على المسلم أن يحفظها وأن يفهم المقصود منها، فلقد جعل الله تعالى في دينه الحنيف قواعد ستة، لا يصحّ من دونها دين المسلم، ولا يُقبل عمله ولا يُكتب له أجراً، بل إنّه لا يكون مسلماً حتّى، ولهذه القواعد أسسٌ يجب أن يعمل بها القلب ليكون الإيمان بالله صحيحاً لا تشوبه شائبة، لذا سيعرّفنا على أركان الإسلام السّتّة، بالإضافة إلى مساعدتنا على فهم المقصود من الرّكن ومن الإيمان.
ما هي أركان الإيمان
أركان الإيمان هي أركانٌ وقواعد ستّةٌ وأعمالٌ باطنةٌ، يكون محلّها القلب، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وهي على عكس أركان الإسلام والتي تكون أعمالٌ ظاهرةٌ تقوم بها الجوارح، وأركان الإيمان علّمنا إيّاها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث جبريل عليه السّلام المشهور والثّابت، قال “الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللَّهِ وملائِكَتِهِ وَكُتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخرِ، والقدرِ كلِّهِ خيرِهِ وشرِّه”، وهذه الرّكائز الأساسيّة الّتي يقوم عليها المجتمع والعقيدة الإسلاميّة الصّحيحة، إلى جانب أركان الإسلام، فالإيمان يختلف كلّيّاً وليس كلّ مسلمٍ مؤمن، لكنّ كلّ مؤمنٍ مسلم، وأكبر مثالٍ على ذلك هو ما حدث في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حينما جاءت الأعراب إلى رسول الله لتسلم، فأطلقوا على أنفسهم بأنّهم مؤمنون، فأنزل الله تعالى الوحي على رسوله الكريم، بآيةٍ تعلّم الأعراب الأدب في الدّين، قال الله تبارك وتعالى {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}. فالإيمان والإسلام معاً حيث يتّفق القلب والجوارح على عبادة الله تعالى وطاعته، من المراحل المتقدّمة الّتي لا يصل لها الإنسان بمجرّد استسلامه لأمر الله تعالى ورسوله، وسنتعرّف فيما يأتي على مفهوم الركن ومفهوم الإيمان
مفهوم الركن
إنّ الركن هو العمود والجزء المتين والشّديد الّذي ترتكز عليه الأشياء فتثبت وتصمد، وهو جزءٌ لا يتجزّأ من ماهيّة الشّيء، لا يصحّ بدونه، ولا يصحّ أن يسقط أو يُنسى بأيّ حالٍ من الأحوال، ومن دونه تتهاوى الأمور وتنهار، فكما أنّ لكلّ بناءٍ أركانٌ يقوم عليها، كذلك للإيمان أركانٌ يصحّ فيها ويقوم عليها، ومن دونها لا وجود للإيمان، وقد ذكر الله تعالى الرّكن في القرآن الكريم، قال الله تعالى {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ}. فبيّنت الآية الكريمة أنّ الرّكن هي القوّة الشّديدة، الّتي يمكن الارتكاز عليها والاستناد والاعتماد، مع العلم والإيقان بعدم سقوطها ولا تهاويها، وهذا هو المقصود من الرّكن، والله أعلم.
مفهوم الايمان
قد أمر الله تعالى البشر بالإيمان، وجعله شرطاً لصحّة دينهم، ولقبول عباداتهم، وبذل الأجر والحسنات لهم فيها، وجعله -تبارك وتعالى- فحوى وغاية كلّ رسالةٍ سماويّةٍ جاء بها الأنبياء والمرسلون -عليهم السّلام- فما هو الإيمان وما المقصود منه فالإيمان هو الدّين الكامل الحنيف، الّذي أمر الله تعالى العباد والبشر بدخوله، والانقياد إليه طوعاً ورغبةً، وهو الدّين الّذي علّمه لرسله وأنبيائه عليهم الصّلاة والسّلام، وذكره الله تعالى في قرآنه الكريم، وهو الدّين الّذي يأمن به النّاس فتن الدّنيا والآخرة، ويحصّلون به السّعادة والأمن والنّعيم في الدّنيا والآخرة، ولقد عرّفت الشّريعة الإسلاميّة الإيمان خاصّة، فهو الانقياد لعبادة الله تعالى وطاعته، رغبةً وطوعاً، وهو تصديق القلب بوجود الله تعالى والإيقان بذلك دون أدنى شك، والإيقان بنبوّة الأنبياء وما جاؤوا به من كتب، ووجود الملائكة واليوم الآخر، والتّصديق بالقدر بما فيه من خيرٍ وشر، فينعكس هذا الإيمان القلبيّ على اللسان وعلى الجوارح، والإيمان يزيد بكثرة الطّاعة والامتثال لأوامر الله تعالى، وينقص بالمعصية وكثرة الإعراض عن الطّاعات، وعن الانصياع لما يأمر به الله تعالى.
الإيمان بالله
الإيمان بالله تعالى أوّل ركنٍ من أركان الإيمان السّتة، وهو أوّل وأهمّ وأعظم ركيزةٍ تقوم عليها العقيدة الشّرعيّة، وهذا الرّكن يحمل أهميّةً عظيمةً، وله آثار واضحةٌ وجليّةٌ في حياة الإنسان، قال الله تعالى {قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، فالإيمان بالله تعالى ينافي الكفر ويدفعه، ومن لم يؤمن بالله تعالى وأنكر وجود، فهو الضّال الخاسر في الدّنيا والآخرة، وقد أعدّ الله تعالى للكافرين عذاباً شديداً وأليماً، وفيما يأتي، سنذكر مفهوم الإيمان بالله تبارك وتعالى، وأهمية الإيمان به سبحانه
مفهوم الإيمان بالله
الإيمان بالله هو تصديق القلب بوجود الله تعالى واعتقاده الجازم بذلك، والإيقان بأنّ الله تعالى موجودٌ يرانا ولا نراه، والإيمان بأنّه هو خالق الأكوان، وهو الإله المستحقّ للعبادة والطّاعة والثّناء، وأنّه هو صاحب الصّفات الكاملة العظيمة، وأنه هو صاحب الجلال والكمال في كلّ شيء، واطمئنان القلب لذلك، وقد دلّ على ذلك أمورٌ عديدةٌ أدركها الإنسان بعقله الّذي وهبه إيّاه الله جلّ جلاله، وبفطرته الّتي جُبل عليها وخُلق، فالإيمان بالله تعالى هو موجودٌ عند الإنسان بالفطرة، وتبقى هذه الفطرة سليمةً ما لم تؤثّر عليها العوامل الخارجيّة، وأهمّها الأبوين، فهما إمّا يكمّلان إيمان الإنسان بالإسلام، وإمّا يهوّدانه أو ينصرّانه أو يمجّسانه، فتتلوث هذه الفطرة بدينٍ غير الدّين الّذي فرضه الله تعالى، وكذلك العقل عندما يؤدّي الوظيفة الصّحيحة الّي خُلق من أجلها، وهي التّفكّر بآيات الله تعالى ومخلوقاته في السّماوات والأرض، فإنّه يستدلّ بذلك على الخالق، ربّ الأكوان الإله الّذي لا شريك له، والإيمان بالله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي الإيمان بألوهيّته، والإيمان بربوبيّته، والإيمان بأسمائه وصفاته، والإيمان بالله تعالى يعكس اطمئنان القلب والانقياد والتّسليم لأوامر الله تعالى الامتثال لها طواعيّة.
أهمية الإيمان بالله
إنّ أهمية الإيمان بالله جلّ جلاله، تكمن في أنّها هي الغاية الأسمى من الدّعوات والرّسالات السّماويّة الّتي بعث الله تعالى بها الأنبياء والرّسل عليهم السّلام أجمعين، كذلك تتجلّى الأهميّة في الآثار الّتي تظهر بوضوح في حياة الإنسان المؤمن، وفي آخرته أيضاً، حيث أن الإيمان بالله تعالى هو بصمةٌ تميّز بي النّاس فمنهم الكافر ومنهم المؤمن، كذلك هي سببٌ في الحصول على الأجر من الله تعالى في الدّنيا والآخرة، وبشارةٌ وسببٌ في دخول الجنّة يوم القيامة، كما أنّ الإيمان سببٌ في رفعة درجات العبد ومكانته وشأنه في الدّنيا والآخرة، وهو من أهمّ وأعظم أسباب تحصيل السّعادة والرّاحة في القلب والعقل والبدن، وقد تهاجم الإنسان مصاعب الحياة ومحنها وفتنها، فإيمانه هو الدّرع الّذي يقيه كلّ ذلك بعون الله سبحانه، والله أعلم.
الإيمان بالملائكة
بعد معرفة ما هي أركان الإيمان، والحديث عن أوّل ركنٍ من الأركان، لا بدّ من الحديث وبيان الإيمان بالملائكة مفهومه وأهميّته، فالملائكة هي مخلوقاتٌ لطيفة، خلقها الله تعالى من نور، وأعطاها قدراتٍ كثيرةٍ وعظيمةٍ كالطّيران والتّشكّل بهيئاتٍ مختلفة، فلا تتصّف بالذّكورة أو الأنوثة، ولا تأكل ولا تشرب، وهي معصومةٌ عن معصية الله تعالى، وقد كلّفها الله تعالى بوظائف ومهام عديدة، منها نزول الوحي والنّفخ بالصّور، وحمل عرش الله تبارك وتعالى، فما معنى الإيمان بهم وما أهميّة ذلك
مفهوم الإيمان بالملائكة
إنّ الإيمان بالملائكة هو ثاني أركان الإيمان، الّتي أمر الله تعالى به عباده، وهو ركنٌ كسائر الأركان لا يصحّ ولا يكتمل إيمان العبد بدونه، وهو الإيقان وتصديق القلب وجزمه بوجود الملائكة رغم أنّ العينين لا تراهم، والاعتقاد الجازم بأنّهم مخلوقون لله تبارك وتعالى، قال الله تعالى في محكم تنزيله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}. فواجب المسلم وشرطٌ من شروط صحّة إيمانه وكماله، هو الإيمان بالملائكة، وذلك لورود النّصوص الشّرعيّة الصّريحة بذلك، وورد ذلك أيضاً بإجماع جميع العلماء والفقهاء في هذه المسألة، ومن أنكر وجود الملائكة، فقد وقع في الكفر والعياذ بالله، لنفيه وإنكاره ما جاء في القرآن الكريم وما ورد على لسان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقد قرن الله تعال الكفر بركنٍ من أركان الإيمان كفراً به والعياذ بالله من ذلك، وللإيمان بالملائكة درجاتٌ عديدة، منها الإيمان المجمل، ومنها الإيمان المفصّل والله أعلم.
أهمية الإيمان بالملائكة
إنّ الإيمان بالملائكة له أهميّةٌ عظيمةٌ في حياة المسلم، وتنعكس هذه الأهميّة على عبادة وطاعة المسلم لله تعالى، فالمسلم عندما يؤمن بوجود الملائكة ويوقن بذلك، يبدأ في اتّخاذهم قدوة ًله في عبادته لله تعالى والإخلاص له في الطّاعة، فيدفع بذلك الغرور والكبر والإعجاب والافتخار بالعمل، ويرى نفسه مقصّراً مهما أطاع الله تعالى، فلا أحد يعبد الله كما يعبده الملائكة عليهم السّلام، كذلك يصير حال المسلم أنّه يجاهد المعاصي ويجتنبها، وبذلك يقتدي بحسن نظامهم، وحسن عبادتهم وإتقان أعمالهم والإخلاص بها لله تبارك وتعالى، والله أعلم.
الإيمان بالكتب السماوية
قد تحدّثنا فيما سبق عن السّؤال ما هي أركان الإيمان وإجابته، وإنّ الإيمان بالكتب السماوية أحد أركان الإيمان، وأصلٌ من أصول الشّريعة الإسلاميّة، فما هو مفهوم الإيمان بالكتب السّماوية وما هي أهميته، وسنعرض لكم الإجابات فيما يأتي
مفهوم الإيمان بالكتب السماوية
هو الإيمان بالكتب والصّحف الّتي أنزلها الله تعالى على بعضٍ من الأنبياء والرّسل عليهم السّلام، والتّصديق والعمل بما جاء فيها من كلام الله تعالى وأوامره وأحكامه، دون أدنى شكٍّ أو ريبةٍ فيها، ولا يصحّ الإيمان عند أيّ عبدٍ ما لم يؤمن بالكتب السماوية، والكتب السّماوية هي خمسةٌ كما ورد ذكرها في القرآن الكريم، وهي الزّبور الّذي أنزله الله تعالى على داود عليه السّلام، وصحف إبراهيم الخليل عليه السّلام، والتّوراة لموسى عليه السّلام، والإنجيل لعيسى عليه السّلام، والقرآن الكريم المعجزة الخالدة الّتي نزلت على سيّدنا محمّد خاتم المرسلين عليه الصّلاة والسّلام، والله أعلم.
أهمية الإيمان بالكتب السماوية
تكمن أهمية الإيمان بالكتب السماوي في العديد من الأمور منها
- إنكار شيءٍ مما جاء فيها أو إنكار أنّها وحي ٌمن عند الله تعالى فهو كفرٌ بيّنٌ والعياذ بالله.
- هلاك الأمم السّابقة بسبب تكذيبها للرّسالات السّماويّة وما جاء به الأنبياء من الآيات والصّحف.
- أمر الله تعالى العباد بالإيمان بالكتب، وقرن الإيمان ب بالإيمان بوجود تبارك وتعالى.
- إيمان الرّسل والأنبياء بالكتب السماوية الّتي أنزلت إليهم والّتي أُنزلت على من قبلهم.
الإيمان بالرسل
الإيمان بالرسل هو ركنٌ هامٌّ من أركان الإيمان السّتّة، ولا يكتمل إيمان العبد إلا به، ولذلك على المسلم أن يعرف مفهوم الإيمان بالرسل بعد معرفة ما هي أركان الإيمان.
مفهوم الإيمان بالرسل
الإيمان بالرّسل هو الإيمان بأنّ الله -سبحانه وتعالى- قد بعث في كلّ أمّةٍ رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحده والكفر بما يُعبد من دونه، والإيمان كما قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، وكذلك ينبغي للمسلم بإيمانه بالرّسل أن يؤمن بالرسل والأنبياء المذكورين في القرآن والذين لم يُذكروا، والأنبياء الذين ذُكروا في القرآن الكريم والذين ينبغي للمسلم أن يؤمن بهم جميعاً هم
- النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
- النبي آدم عليه السلام.
- النبي ابراهيم عليه السلام.
- النبي اسماعيل عليه السلام.
- النبي الياس عليه السلام.
- النبي ادريس عليه السلام.
- النبي ايوب عليه السلام.
- النبي عيسى عليه السلام.
- نبي الله موسى عليه السلام.
- سيدنا نوح عليه السلام.
- النبي لوط عليه السلام.
- النبي يوسف عليه السلام.
- النبي يعقوب عليه السلام.
- النبي يوشع عليه السلام.
- النبي هود عليه السلام.
- النبي يونس عليه السلام.
- النبي صالح عليه السلام.
- النبي شعيب عليه السلام.
- النبي داوود عليه السلام.
- النبي يحيى عليه السلام.
- النبي زكريا عليه السلام.
- نبي الله ذو الكفل عليه السلام.
- النبي سليمان عليه السلام.
- هارون عليه السلام.
- اسماعيل صلوات الله عليهم أجمعين.
أهمية الإيمان بالرسل
من أهمية الإيمان بالرسل تحقيق العلم برحمة الله -سبحانه وتعالى- وحفظه وعنايته بخلقه أن أرسل إليهم رسله الكرام -صلوات الله عليهم- لهداية النّاس وإرشادهم وإخراجهم من الظلام إلى النّور، وفي الإيمان بالرّسل شكرٌ لله على هذه النّعمة العظيمة، وتورث قلب المؤمن حبّ الرّسل وتوقيرهم والثّناء عليهم بما يليق بهم لأنّهم رسل الله وعبيده، بلغوا رسالته وأدوا الأمانة ونصحوا العباد وصبروا على الأذى.
الإيمان باليوم الآخر
جعل الله -سبحانه وتعالى- الإسيمان باليوم الآخر ركناً من أركان الإيمان، وجعل صحّة إيمان العبد مقترناً بإيمانه باليوم الآخر، وقد ذكره الله في تسعة عشر موضعاً في القرآن الكريم.
مفهوم الإيمان باليوم الآخر
الإيمان باليوم الآخر المقصود به الإيمان بيوم القيامة، والذي يُقصد به من وقت الحشر إلى ما لا نهاية، وقيل أنّه إلى وقت دخول أهل الجنة للجنّة وأهل النّار للنّار، وقد سمّي يوم القيامة باليوم الآخر لأنّه آخر الأوقات المحدودة، وهو متأخّر عن الدّنيا ولا ليل بعده، ويعرف الإيمان باليوم الآخر أنّه التّصديق الجازم بأنّ الله أعدّ وقتاً ينهي فيه الحياة الدّنيا، والإيمان بكل ما أخبر به الله في كتابه وما أخبر عنه النّبي -صلى الله عليه وسلّم- ممّا سيكون بعد الموت، من فتنة القبر والعذاب فيه، والبعث والنّشور والحشر والحساب والميزان، فهو إيمانٌ بالغيب الذي أخبر عنه الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، قال تعالى في سورة الحج {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}. فالإيمان باليوم الآخر من الأمور الواجبة ودلّ على ذلك الكثير من الآيات والأحاديث النّبوية.
أهمية الإيمان باليوم الآخر
ما هي أركان الإيمان وما أهمية الإيمان باليوم الآخر، فالإيمان باليوم الآخر ركنٌ من أركان الإيمان، وعقيدة أساسية من عقائد الإسلام، لأهميّته نجد أن الله -سبحانه وتعالى- ربطه بالإيمان به في الكثير من المواضع، كقوله تعالى في سورة البقرة {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر}، وسيجد المسلم أنّ الإيمان بالله وباليوم الآخر هو الموجّه الحقيقي لسلوك الإنسان، فيدفعه في سبل الخير ويمنعه عن سبل الشر، فالمؤمن بالله واليوم الآخر دائماً ما يجد في نفسه الشعور بالمراقبة والإحساس بالتّبعية لله، ويشعر بعظيم الأمانة التي خُلق من أجله الإنسان، فهو مسؤولٌ عن كلّ كبيرة وصغيرة.
الإيمان بالقدر خيره وشره
الرّكن السادس من أركان الإيمان هو الإيمان بالقدر خيره وشره، والذي كان لايكتمل إيمان العبد إلا به، وفيما يأتي سيتمّ التّعرف على مفهوم الإيمان بالقدر خيره وشره وأهميّته.
مفهوم الإيمان بالقدر خيره وشره
مفهوم الإيمان بالقدر خيره وشره هو الركن السادس من أركان الإيمان، والقدر هو القضاء والحكم وتدبير الأمر ومقدار الشّيء، ومصطلح القدر هو ما سبق به العلم وجرى به القلم ممّا هو كائن إلى الأبد وأنّ الله -صبحانه وتعالى- قدّر المقادير للخلائق كلّها، وكذلك ما يكون من الأشياء قبل أن تكوم في الأزل، وعلم أنّها ستقع في أوقاتٍ معلومة، وعلى الصّفة التي يريدها هو، ولا يصحّ الإيمان إلا مع الإيمان بالقدر خيره وشره، فيؤمن العبد بذلك أنّ الله هو خالق كلّ شيء، وقدّر المقادير وكتبها قبل خلقها، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنّه قال “كتب اللهُ تعالى مقاديرَ الخلائقِ قبلَ أنْ يخلُقَ السماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ وعرشُهُ على الماءِ”. فالقدر سرٌ من أسرار الله، لم يطّلع عليه أحد من الخلق، إلا ما نزل بالوحي أو حدث في الأرض فعلمه النّاس، وللإيمان بالقدر كان له ألاكانٌ أربعة، على العبد أن يؤمن بها جميعاً، وهي الإيمان بعلم الله تعالى، والإيمان بكتابه في اللوح المحفوظ لكلّ ما هو كائنٌ وسيكون إلى يوم القيامة، والإيمان بمشيئة الله النّافذة وقدرته التّامة، وكذلك الإيمان بأن الله خلق كلّ شيءٍ موجود لا شريك له في خلقه.
أهمية الإيمان بالقدر خيره وشره
إنّ أهمية الإيمان بالقدر خيره وشره تكمن في العديد من الفوائد التي تعود على قلب العبد المسلم ودينه ودنياه، ومن فوائده
- إنّ العبد عند إيمانه بالقدر يكون راضياً وصاحب يقين بعوض الله عن أيّة مصيبةٍ تحلّ به، ومن أصابته مصيبة فعلم أنّها بقدر الله فصبر واحتسب هدى الله قلبه وعوضه عمّا فاته.
- والإيمان بالقدر خيره وشره يعطي انشراحاً للصدر وسعادةً للقلب وطمأنينةً في النّفس، ويُنزلُ راحةً في البال.
- يحصل المؤمن بالقدر خير وشرّه على الأجر الكبير، ويحصل في نفسه غنىً واسع.
- يكسب المؤمن بالقدر خيره وشره عدم الخوف من ضرر البشر، فهو مُدركٌ تماماً أنه في حفظ الرّحمن وأنّه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له.
- ينال المؤمن بالقدر خيره وشره الشجاعة والإقدام، فالذي يؤمن بالقضاء والقدر يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنّ الأجل مقدّر لن يزيد ولن ينقص.
- الخيرة دوماً فيما يختاره الله -سبحانه وتعالى- فلا يحزن المؤمن على مصيبة، ولا يتحسّر على ماصي ولا يندم على ما فات.
- الإيمان بالله والقدر خيره وشره ينجي من النّار ويُذهب الغمّ والهم.