ما فضل التكبير في عشر ذي الحجة ، فالتكبير من الأعمال والعبادات العظيمة، وهو إقرار بأن الله تعالى أعظم وأكبر من كل شيء، لذلك يهتم في الحديث عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، وعن الأدلة عليه وصيغه وأنواعه، وعن عشر ذي الحجة، وفضلها، والأذكار المشروعة فيها، وما يستحب فيها من الأعمال.
ما فضل التكبير في عشر ذي الحجة
يعتبر التكبير إحدى العبادات التي يستحب الإكثار منها في العشر الأوائل من ذي الحجة، فقد خص الله عشر ذي الحجة بمزيد من الفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما مِنْ أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ مِنْ هذهِ الأيامِ العشرِ فقالوا يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلمْ يرجعْ مِنْ ذلكَ بشيءٍ”، ولا شك أن جميع الأعمال الصالحة مطلوبة ومرغوب فيها في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، إلا أن الذكر وخصوصًا التكبير له أهمية خاصة، قال تعالى في سورة الحج {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، وفسّرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بأنها الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة.
وقد ورد أن الصحابيين الجليلين عبد الله بن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا “يخرجانِ إلى السوقِ في أيامِ العشرِ يُكبرانِ ويكبرُ الناسُ بتكبيرِهما”، فصار التكبير سنة نبوية مهمة في العشر الأوائل من ذي الحجة، وإن كان ذكر الله بشكل عام أمرًا مطلوبًا في هذا التوقيت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ”.
ما الأدلة على التكبير في عشر ذي الحجة
بعد أن تعرفنا على فضل التكبير في عشر ذي الحجة، سنتحدث عن الأدلة على مشروعية التكبير في عشر ذي الحجة، وهي على النحو الآتي
- من الكتاب قوله تعالى {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}، عن ابنِ عبَّاس ٍ قال “الأيَّامُ المعلوماتُ أيَّامُ العشرُ”، فقد أمر بذكره في هذه الأيام العشر، ومن ذكره التكبير، كما أن الأمر بالذكر شامل لجميع العشر، من بدايتها وحتى نهايتها.
- من السنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ”.
- من الآثار أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وأبو هريرة -رضي الله عنه- كانا يكبران في أيام العشر.
- عمل السلف عن ميمون بن مهران، قال “أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير”.
الفرق بين التكبير المطلق والتكبير المقيد
عند الحديث عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، لا بد من ذكر صور التكبير هذه الأيام، فالتكبير في عشر ذي الحجة على وجهين، وهي
- التكبير المطلق هو التكبير الذي يكون في كل الأوقات والأماكن، فيمكن أن يكون في الأسواق، والبيوت، والمساجد، وغيرها، ويشرع التكبير المطلق، من أول ذي الحجة إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو قول للحنابلة، واختاره ابن باز، وابن عثيمين.
- التكبير المقيد هو التكبير الذي يكون مقيدًا بالصلوات، وهو خاص بعيد الأضحى، ويبتدئ التكبير المقيد من صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، أي اليوم الثالث عشر، وهذا مذهب الحنابلة، وقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية، وقول للشافعية، وقالت به طائفة من السلف، واختاره ابن المنذر، والنووي، وابن تيمية، وابن حجر، وابن باز، وابن عثيمين، وحكي الإجماع على ذلك.
من صيغ التكبير في عشر ذي الحجة
لا تلزم صيغة معينة للتكبير، فالأمر فيه واسع، وهذا مذهب مالك، ورواية عن أحمد، وهو قول ابن تيمية، والصنعاني، والشوكاني، وابن باز، وابن عثيمين، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صيغة معينة في التكبير، وإنما ثبت عن صحابته رضي الله عنهم في ذلك عدة صيغ، وكل هذه الصيغ صحيحة يحل للإنسان التكبير بها وقولها في أيام عشر ذي الحجة، وفيما يأتي صيغ التكبير الواردة في الأثر
- الصيغة الأولى “اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً”، وهذه الصفة ثابتة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أخرجها البيهقي في السنن الكبرى، وصحح الحافظ ابن حجر سندها.
- الصيغة الثانية “اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وللَّهِ الحمدُ”، وهذه الصفة ثابتة عن ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه.
- الصيغة الثالثة “اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً، اللَّهُ أَكْبَرُ وأجَلُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وللَّهِ الحمدُ” وهذه الصفة ثابتة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه.
حول الجهر بالتكبير والتكبير الجماعي
يسن الجهر بالتكبير للرجال، وهذا مذهب الجمهور المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو رواية عن أبي حنيفة، وقال به من الحنفية أبو يوسف ومحمد بن الحسن والطحاوي، ودليل ذلك؛ عن أم عطية رضي الله عنها، قالت “كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذلكَ اليَومِ وطُهْرَتَهُ”، ووجه الدلالة أنه لولا إظهار التكبير من الرجال، لما كبر النساء خلفهم بتكبيرهم، وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام.
ولا يشرع التكبير الجماعي في العيدين، ونص فقهاء المالكية على أنه بدعة، وقرره الشاطبي، وهو قول ابن باز، والألباني، وابن عثيمين، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم “مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ”.
الايام العشر من ذي الحجة
من رحمة الله بالعباد أن فاضل بين الأوقات والأزمنة، فاختار منها أوقاتًا خصها بمزيد الفضل وزيادة الأجر؛ ليكون ذلك أدعى لشحذ الهمم، وتجديد العزائم، والمسابقة في الخيرات والتعرض للنفحات، ومن هذه الأزمنة الفاضلة أيام عشر ذي الحجة التي اختصت بعدد من الفضائل والخصائص، فقد أقسم الله بها في كتابه تنويها بشرفها وعظم شأنها، وشهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها أعظم أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها، وفيها يوم عرفة وهو يوم مغفرة الذنوب وصيامه يكفر سنتين، وفيها أيضاً يوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله، وإنما حظيت عشر ذي الحجة بهذه المكانة والمنزلة لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها.
بعض الأحاديث في فضل عشر ذي الحجة
ورد العديد من الأحاديث في فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، ومن هذه الأحاديث
حديث ما العمل في أيام أفضل منها في هذه
متن الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما مِنْ أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ مِنْ هذهِ الأيامِ العشرِ فقالوا يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلمْ يرجعْ مِنْ ذلكَ بشيءٍ”.
شرح الحديث أيام عشر ذي الحجة هي أيام مباركة مفضلة على غيرها من أيام السنة، ولا يوجد عمل أفضل من العمل فيهن، إلا عمل رجل خرج مجاهداً بنفسه وبماله قاصداً قهر عدوه فأنفق كل ماله في ذلك وضحى بنفسه في سبيل الله تعالى.
حديث ما من أيام أعظم عند الله
متن الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من أيامٍ أعظمَ عند اللهِ ولا أحبَّ إلى اللهِ العملُ فيهنَّ من أيام العشرِ، فأكْثِروا فيهنّ من التَّسبيحِ والتحميدِ والتّهليلِ والتَّكبيرِ”.
شرح الحديث إن أفضل أيام السنة عند الله عز وجل وأحبها إليه والتي يكون فيها العمل الصالح أقرب إلى القبول ومضاعفة الأجر هي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة، ويأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اغتنامها بكثرة ذكر الله من تهليل وتكبير وتحميد وأداء النوافل.
حديث إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر
متن الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ”.
شرح الحديث يخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن أفضل أيام السنة عند الله تعالى هو يوم النحر أي اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يذبح فيه الحجاج الهدي، وفيه يذبح باقي المسلمين الأضاحي لذلك سمي بيوم النحر، ويأتي بعده في الفضل يوم القر وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة واليوم الأول من أيام التشريق، وسمي بيوم القر لأن الحجيج يقرون فيه بمنى بعد أن أدو مناسكهم.
حديث ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار
متن الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ”.
شرح الحديث إن أكثر يوم يعتق الله عز وجل فيه عباده من عذاب النار هو يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة لفضله على سائر أيام السنة، وفي هذا اليوم يدنو الله تعالى دنوًا يليق بجلاله وعظمته ويباهي بعباده الواقفين على جبل عرفة مباهاة تليق به، فيظهر فضلهم للملائكة ويريهم حسن عملهم ويثني عليهم عنده، ويسأل ملائكته أي شيء يريد هؤلاء حيث تركوا أهلهم وأوطانهم وأنفقوا أموالهم وأتعبوا أجسادهم لينالوا المغفرة ورضا الله فيجيبهم.
ما فضل أيام عشر ذي الحجة
إن من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة، وفضل العشر من ذي الحجة جاء من أمور كثيرة منها
- أن الله تعالى أقسم بها والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير “وهو الصحيح”.
- أنها أفضل أيام الدنيا وقد شهد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم في الحديث الصحيح.
- أنه حث فيها على العمل الصالح لشرف الزمان بالنسبة لكل المسلمين، وشرف المكان أيضًا وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام.
- أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من أيامٍ أعظمَ عند اللهِ ولا أحبَّ إلى اللهِ العملُ فيهنَّ من أيام العشرِ، فأكْثِروا فيهنّ من التَّسبيحِ والتحميدِ والتّهليلِ والتَّكبيرِ”.
- أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدين وصيامه يكفر آثام سنتين.
- أن فيها يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنة على الإطلاق وهو يوم الحج الأكبر الذي يجتمع فيه من الطاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره.
- أن فيها الأضحية والحج.
الذكر في العشر من ذي الحجة
الأذكار والأدعية بكل أنواعها مشروعة، يكثر المسلم منها قدر ما يستطيع، ليكون قريبًا من ربه سبحانه وتعالى على الدوام، وهذه الأيام العشر وردت فيها أذكار سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار منها، ومن هذه الأذكار
التهليل
وهو قول “لا إله إلا الله”، وهي شهادة الإسلام وعنوان التوحيد، والمناسبة في الإكثار منها في العشر من ذي الحجة ظاهرة، فهي أيام الحج التي يتوجه فيها الناس إلى ربهم متجردين من الدنيا وزينتها موحدين طائعين منيبين راجين رحمته خائفين من عذابه، فكان من أكثر الأذكار مناسبة في هذه الأيام التهليل، وفي فضل التهليل وردت نصوص كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم “مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ. في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ إلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ منه”، وفي الحديث “خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيونَ مِن قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ”.
التكبير
أي بإكثار قول “اللّه أكبر”، والتكبير يدل على التعظيم، فهو إقرار بأن الله تعالى أعظم وأكبر من كل شيء، ومن ثم فهو المستحق وحده للعبادة، وفيه دلالة على التوحيد الذي هو من أعظم مقاصد الحج، قال بعض العلماء من أعظم أسرار التكبير في هذه الأيام أن العيد محل فرح وسرور وكان من طبع النفس تجاوز الحدود لما جبلت عليه من الشر، تارة غفلة وتارة بغيًا، لذلك شرع فيه الإكثار من التكبير.
التحميد
وهو قول “الحمد لله” مرة بعد أخرى، والحمد عبادة يؤديها المسلم سواء حدثت له نعمة أو لم تحدث، وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه الله عز وجل لكماله وصفاته، كما يحمد المسلم ربه سبحانه على كل نعمة وفي كل حال، أما بخصوص هذه الأيام فأعظم نعمة ظاهرة فيها أنه عز وجل بلغ العبد هذه الأيام الفاضلة التى تضاعف فيها الحسنات، وتغفر فيها الذنوب، فحري بالمسلم في مقابل هذا أن يكثر التحميد، وقد وردت وفي التحميد أحاديث كثيرة تدل على فضله وثوابه، قال النبي صلى الله عليه وسلم “كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ”، وهنا ينبغي التنبه لأهمية اقتران ذكر اللسان بذكر القلب، ومواطئته له، قال الغزالي “لا تظن أن ما في التهليل والتقديس والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب”.
ماذا يستحب في عشر ذي الحجة
وقبل أن نختم حديثنا عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، سنتحدث عن الأعمال التي يستحب العمل بها في ذي الحجة، من الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة
- الإكثار من الأعمال الصالحة ومن الأعمال الصالحة التي غفل عنها بعض الناس قراءة القرآن، وكثرة الصدقة، والإنفاق على المساكين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها.
- الصلاة يستحب التبكير إلى الفرائض والمسارعة إلى الصف الأول والإكثار من النوافل فإنها من أفضل القربات.
- الصيام فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة.
- أداء الحج والعمرة فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
- التكبير والتهليل والتحميد.
- الإكثار من قراءة القرآن فإن القرآن كما وصفه الله عز وجل هدى للمتقين.
- الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة -أي الفجر- جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس.
- الصدقة وهي من أبواب القربات المشروعة طوال العام وقد أجزل الله عز وجل العطية للمنفقين، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة ولو بالقليل، ووعد بالأجر الجزيل للمتصدقين.
- أداء الصلاة مع الجماعة فالصلاة أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، وهي آخر وصية وصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند موته.
- المحافظة على الوقت فإن رأس مال المؤمن في هذه الدنيا هو وقته الذي يزرع فيه للدار الآخرة.
- صيام يوم عرفة فصيامه يكفر ذنوب سنتين.
- بر الوالدين وصلة الرحم فبر الوالدين من أفضل الأعمال وأعظم الطاعات.
- قيام الليل ولو بركعات قليلة فقد أثنى الله عز وجل على أهل الجنة بعدة صفات منها قيام الليل، وهو سنة مؤكدة حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن منزلته عند الله عظيمة ودرجته رفيعة حتى عده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام.
- غض البصر عن الحرام من نعم الله عز وجل التي أنعم بها علينا نعمة البصر، وهي نعمة لا تقدر بثمن، وقد أمر الله عز وجل بغض النظر عن الحرام.
- حفظ الجوارح ومن أهمها اللسان فإن خطره عظيم.