كثيرة هي القصص وكثيرة أخبارها، بل إن من القصص ما يقرب الحديث ولذلك كان القصاصون على ضربين أو نوعين منهم من يصدق في ذكر القصة أو الحديث بها وهذا لا حرج من مجالسته ولكن هناك من القصاص الكذابون الذين يأتون بالحدث الغريب من أجل أن يقرب منه السامع وقد حذر الإسلام من هؤلاء القصاص والوضاعون بل إن من أسباب الوضع والأحاديث التي كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم القصص التي تحبب من يجلس في ناثرها بالرغم من أنها مكذوبة فكان وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم شديدا في هذا الأمر فقال (إن كذبا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) وقد قيلت الكثير من القصص التي لم يتبت من أمرها ومن بين هذه القصص المشتهرة قصة الصيرفي والجارية فما هذه القصة وعلى ماذا تدل.
القصص عند العرب
عرف العرب واشتهروا بأسلوبهم المحبب في سرد القصص للكثير من العوامل التي جعلت هذا اللون الإبداعي والأسلوب الجمالي من أساليب اللغة العربية من الأساليب المستخدمة وشاعت الكثير من القصص التي أصبحت مقترنة بالأمثال المعروفة منها ما هو مشهور ومنها ما هو مغمور ومنها الحقيقي ومنها الخيالي، وكلها في النهاية وبالمجمل الشامل من القصص التي تندرج تحت أسلبو يشد السامع عليه وتستهر به العرب.
قصة الصيرفي والجارية
تدور قصة الصيرفي على أن رجلا من بغداد كان يعمل صيرفيا أي يصرف النقود وثريا، فوقع في حب جارية فلا تطاوعه نفسه تركها بل يغار عليها كثيرا، فتزوجها وأنفق المال عليها ولم يعد يقوى حتى على تركها والذهاب للعمل حتى فقد كل ماله، ثم باع أثاث بيته وخرج طالبا لها حاجتها، حتى وجد المال ثم خرج عليه قطاع الطريق فأخذوا ماله، فانقطع عنها ما يزيد عن 20 سنة ثم وجد رجلا في الطريق فاستغاث به حتى قص عليه قصته وعاد لبغداد، فود بيته معمرا من ولد من هذه الجارية أصبح يطلق عليه ابن أمير المؤمنين لأن أمير المؤمنين وابنه قام على ميلاده وشأنه في غياب الرجل، فاغتنى مرة أخرى وهذا هو ملخص القصة كلها وهي من أعجب القصص، وقد وردت في كتاب” المستجاد من فعلات الأجياد ” للقاضي التنوخي البصري أبو علي”.
فوائد من قصة الصيرفي والجارية
إن من الفوائد المستوحاة من هذه القصة الجميلة والطويلة بعض النقاط الهامة التي لا بد من المرور عليها ومن هذه النقاط الهامة:
- أن القصص ليست كلها صحيحة بل بعضها من الوضع وبعضها صحيح فينبغي التثبت منها.
- أن من أغاث غيره يوشك الله أن ييسر له في ضيقته من يغيثه.
- أن رزق الله تعالى كبير ولا يستطيع الإنسان أن يعلم من أين يرزقه الله تعالى ففصله واسع.
- أن الحب الزائد عن الحد قد يعمي الرجل والتوازن جميل وهذا الأمر جيد.
هذه قصة الصيرفي والجارية وبعض الفوائد منذ هذه القصة التي ذكرناها لكم والتي تحتاج إلى نظر واهتمام خاصة أنها متعلقة بما يجذب السامع ويفيد وليس هناك فيها من المحرم، بل الأمر دائر على النفس البشرية والطبيعة التكوينية للأشخاص كلهم، وهذا هو عماد الأمر.