مع كثرة النزاعات السياسية على الأراضي والممتلكات، أصبحت الأجيال الأصغر سنًا تعيش حياة تذبذب هوية وفقدان لمعرفة أساسيات الحدود سواء للأراضي أو القوميات أو غيرها الكثير. ولعل أهم ما يشغل كل مسلم فيما يخص تلك الصراعات هو قضية الأراضي الفلسطينية المحتلة وما حدث من تبعيات لترسيم الحدود وتغيير اسماء البلاد وغيرها الكثير، لذا أصبح الشاغل الأكبر لدى شريحة كبيرة من الناس الذين لم يعاصروا الأزمنة السابقة هو هل فلسطين ارض اليهود ام المسلمين، وهذا ما سنوضحه في هذا المقال كي نساعدكم على معرفة الحقائق الثابتة والتي لا يمكن أن يغيرها الزمن.

هل فلسطين ارض اليهود ام المسلمين

على الرغم من التدخلات السياسية المهيمنة من الدول الكبرى على الكثير من المؤسسات الشهيرة في هذه الأيام لتأكيد فكرة أن أرض فلسطين هي ملك لليهود وتغيير اسمها من فلسطين إلى اسرائيل على سبيل المثال في خرائط جوجل، إلا أننا كمسلمين نتمسك بالحقيقة الثابتة والتي ينبغي علينا ترسيخها في عقول أبناءنا من الصغر أن فلسطين هي أرض المسلمين والعرب وأن اليهود دخلاء عليها يحتلون البلاد بالقوة والعنف وليس بالحق كما يدعوا، ولكننا لا نتحدث عن ذلك هباء وعلينا أن نعلم جميعًا الحقيقة حتى نستطيع سردها لمن يدعي غير ذلك.

يدعي اليهود أن فلسطين هي أرضهم التي منحها الله لهم وذلك كما جاء في سفر التكوين 15 من 3 حتى 15 “لنسلِك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات” ونحن كمسلمون نسلم بما جاء في التوراة ولكن هناك بعض الأسئلة التي ينبغي معرفة إجاباتها حتى نستطيع أن نحكم إن كانت فلسطين حقًا أرض المسلمين أم اليهود، ولكن في البداية اسمحوا لي أن أطرح عليكم سؤال هل كل من مر بمكان أصبح ملكه؟ هل تعود ملكية المكان لمن أقام فيه أولًا أو لمن جاء ليعيش فيها بعد ذلك لبعض الوقت وخرج دون أن يملك شبرًا فيها؟!

للإجابة على السؤال السابق لا بد وأن نعرف أن أول من سكن أرض فلسطين هم اليبوسيون وهم من أبناء العرب الأوائل حيث تذكر التوراة نفسها أقدم اسم لفلسطين وهو يبوس كما ورد الاسم ذاته في ألواح تل العمارنة الموجودة في المتحف المصري، ثم جاء الكنعانيون العرب ليشاركوهم في سكن الأرض والذين أطلقوا عليها أورشالم أو ما يعرف بمدينة شالم أي معبود اليبوسيون، ثم جاء إبراهيم عليه السلام بعدها بعدة قرون لأول مرة له ليقيم بأرض فلسطين. ومن خلال تلك السطور القصيرة عرفنا أن العرب هم حقًا أول من سكن أرض فلسطين وأن مدة بقاء إبراهيم استمرت لمائة عام لم يملك فيها شبرًا واحدًا بل لم يملك ذريته إسحاق ويعقوب وجميع ذريته التي يصل عددها إلى 70 فردًا لحين خروجهم إلى مصر شبرًا واحدًا.

هل اليهود الحاليين من نسل إبراهيم؟

بعد أن أثبتنا في السطور القليلة السابقة الملكية الفعلية للعرب لأرض فلسطين وأن اليهود قد عاشوا فيها لفترة وجيزة ثم مروا على غيرها من البلاد، نتجه إلى نقطة أكثر أهمية وهي هل هؤلاء اليهود الذين نراهم في يومنا هذا بكا أفعالهم الإجراميه هم من نسل سيدنا إبراهيم حقًا؟ أولًا يقر الكثير من العلماء المختصين في تاريخ الشعوب أن اليهود الحاليين ليسوا من نسل إبراهيم وليسوا ممن أُرسل إليهم نبي الله موسى عليه السلام ولديهم الكثير من الأدلة والحقائق حول ذلك.

ثانيًا وهو الأهم أن الله عز وجل اختص بالنسل مع جميع الرسل الصالحين منهم فقط فحينما حاد ابن نبي الله نوح عليه السلام عن الطريق الصحيح قال الله عز وجل لنبيه “إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح”، ويوضح القرآن الكريم ما يخص إبراهيم في قوله تعالي ” وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” وبذلك يوضح الله عز وجل أن عهده يكون مع المخلصين والصالحين مما يقودنا إلى سؤال آخر هل حافظ اليهود على عهدهم مع الله منذ قديم الأزل؟ جميعنا يعلم أنهم هم قتلة الأنبياء وهم من عبدوا العجل وهم من حرف دينهم وتوراتهم وهم سبوا الأنبياء واتهموا نبي الله لوط أنه زنا ببناته وهم من قال عزيز بن الله، أبعد هذا كله يطمعون أن يكونوا من نسل إبراهيم عليه السلام، كلا فهم بعيد كل البعد عن ذلك.

ثم يأتي القرآن الكريم مرة أخرى ليطيح بادعائهم بأنهم هم ورثة وأصحاب الأرض بقوله تعالى ” إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ” ليوضح أن أولى الناس بسيدنا إبراهيم من اتبعوه وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم –والذي أشار له الله عز وجل في هذه الآية بهذا النبي- فهل هم يتبعون رسولنا الكريم أم يكذبون كل ما جاء به؟! وبذلك تسقط جميع إدعاءات اليهود بأنهم أصحاب الأرض سواء تاريخيًا عبر معرفة أن العرب هم أصحاب الأرض أو دينيًا من خلال معرفة أنهم أصبحوا ليسوا من نسل إبراهيم وأن الله حكم عليهم بالتيه في أرضه لما ارتكبوه من معاصي.